كلمات عن المرحوم سي عبد المجيد بن الطيّب بن مرزوق
بقلم الأستاذ: إبراهيم طاهري
لقد كان للفقيد المرحوم سي عمر (المدعو عبد المجيد) بن الطيّب بن مرزوق المولود عام 1933م بأولاد سيدي والمتوفّي أمس (الأربعاء 22 أفريل 2015م) - إلى جانب قلائل آخرين - لمسة واضحة وبصمة ذهبيّة في الحرص على تدوين الشعر الملحون لأساطين شعرائنا من القدامى والمحدثين من أمثال سيّدي محمّد الشلالي وسيّدي محمّد بن السنوسي وغيرهما ، فكان يحمل دفاتره في كثير من المناسبات فيقرأ على مسامع الناس مختلف القصائد وربّما نقّح وصحّح ووضّح ، ولازلتُ أذكر زياراته المتعدّدة لجدّي وسيّدي الحاج لخضر بن سليمان طاهري وتصحيحه لبعض ألفاظ القصائد ومتعلّقاتها ، وأذكر أيضا أنّه كان حريصا على نشر هذا الشعر داخل منطقة أولاد سيدي إبراهيم وخارجها ولم يبخل أبدا بما كان تحت يديه ، وكنت شخصيّا قصدته مؤخّرا (قبل أسابيع قليلة من وفاته) بغرض نقل القصائد فأبدى استعداده وطلب مني تحديد موعد لذلك ، متأسّفا على ضياع أكثر ما كان عنده كون الذين أعارهم سجلاته لم يعيدوها إليه ، وقد كان له الفضل -رحمه الله- في التعريف بإحدى القصائد المميّزة لسيّدي محمّد بن السنوسي ، وهي قصيدة بديعة وطويلة تروي إحدى غزوات سيّدنا عليّ بن أبي طالب -كرّم الله وجهه - وتسمّى قصيدة (التّكريـــّة) مطلعها:
قصّة صارت فَ الزّمان الفاني هاينانِي
مــــا عملــــوا ساداتـــنا لبطـــــــــــــالقلتُ أنّ المرحوم سي عبد المجيد تنقّل في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي إلى العاصمة ، واتّصل بالمرحوم
(الشيخ عبد القادر الهدّاجي 1936- 1998م) -وهو شاعر وفنان ومنشط إذاعي صاحب صوت وأداء متميزين -وسلّمه نصّ قصيدة (التكريــة) وقرأها له القراءة السليمة ، ونشرها سي عبد القادر الهدّاجي بصوته على أمواج القناة الإذاعيّة الأولى في برنامج خاصّ بالشعر الملحون (لا يحضرني عنوانه للأسف) ، وكنت أستمع إلى إلقائه رفقة سيّدي الحاج لخضر -رحمه الله- الذي كان سعيدا بذلك.كان الفقيد سي عبد المجيد من القلائل الذين امتلكوا أجهزة كاميرا - فيديو في فترة نهاية الثمانينات وما قبلها ، فتمكّن من تصوير الأماكن والشخصيات والمناسبات في أولاد سيدي إبراهيم ، وهو مجهود ثمين جدّا سمح بتخليد شخصيات هامّة بالصوت والصّورة الملوّنة ، وأعطانا صورة واضحة عن عذريّة المنطقة قبل أن يغزوها الإسمنت ، وعن أصالتها وملامح من تراثها المادّي واللامادّي ، وكعادته المعروفة من الكرم فقد نقل هذه التسجيلات النادرة من الشرائط إلى الأقراص المضغوطة ووزّعها على الجميع ، وتوجد نسخة منها بحوزتنا.
لقد كان المرحوم سي عبد المجيد بهذا الجهد الذي بذله -إضافة إلى هوايته - رجلا متميّزا وموهوبا ونادرا ، والخدمة التي قدّمها للمنطقة وأبنائها تعتبر من أجلّ الخدمات ، رحمه الله وجعل مقامه في علّيين.
|
|