منعني الطبيب مؤخّرا من شرب القهوة والشّاي ومختلف المنبّهات .. ونصحني بالإبتعاد عن كلّ أشكال الضغط لمدّة كافية ... اليوم صباحا وبعد أكثر من عشرة أيام من هجراني لقهوة الصّباح ، شممت رائحتها قادمة من المطبخ ، فاهتاجت للرائحة الأشواق وكادت العينان تذرفان ... حينها تذكّرت قصيدة للمرحومة جدّتي
الحاجّة الزّهرة طاهري – أمّ والدي – التي كانت تحبّ القهوة ، قالتها في سنوات الأربعينيات وكانت القهوة قد عزّت في ذلك الوقت :
القهــوة وش بيــــــك طوّلتِِ الغيبـــهْ
وحقا مثلــك جــانْ لا مـن يحكم فيـهْ
قالتلي مـــوش غرضــي مشـــدودهْ
وشرط من الشــروطْ ربّي ماذن بيـــهْ
المخازن اللّــــي فالدزايـــر مقفولـــهْ
واللي عندو شي يقول قليل عليــــهْ
البابـــور اللّـي مسافـــر متعطّـــــــلْ
في بحر الظلمهْ والكرارس ما تمشيهْ
جيتني في عــام قاسي مستطــرفْ
وهمّو ياســر والمحايــن كثــرت فيـهْ
المحنــة اللّـي قاصدتنــي ضرّتنـــي
طاح عنّــي سـور كانت سُكـنى فيـهْ
كانــت فيــه ديــار زينـــهْ تعجبــــني
والضـوّ اللّـي كــان عـادت ظُلمه فيـهْ
مانيـشي علـى السّـور لكـان نمثّــلْ
وليــد امّــا متّنـــو اللّحـــود عليــــــهْ
خـــوي فـارس قـوم ماهوشي دوني
وايــلا روّح مــن غيبتــو تتباشر بيـــهْ
اصبـــر يا قلبــي علــى راعــي تواق
جافى سيدي موش ضاري يقطع فيهْ
موش امّالف قاع يغضـــب ذا الغضبــهْ
وبقّــا في وقـــت الصّوالــح فرّط فيـهْ
لومــوني يا نـــاس مقـــواني نصبـــر
ما ننســاش سيـــد عيني ننساميهْهامـــش : تصادفت ندرة القهوة في ذلك الوقت مع الموت المفاجئ لأخيها ، وهو ما ذكرته في نصف القصيدة الثاني .
|
|