رسالة من الشيخ سيّدي محمّد بن عبد الرّحمن الدّيسي إلى الشيخ الحفناوي ( في تقريظ كتابه تعريف الخلف برجال السّلف) – مخطوط بحوزة الحاج البشير بلقاسم (ابن عبد القادر- أخ الشيخ الحفناوي): الحمد لله وحده والصّلاة والسّلام على من لا نبيّ بعده
إذا أَمَرَّ على رَقٍّ أَنَامِلَهُ *** أَقَرَّ بِالرِّقِّ كتابُ الأنام لَهُ
أوحد الفضلاء وأفضل النّبلاء ، ناظم عقود الجُمان وناثر قلائد العقيان ، الذي قلّ أن يكون له في فضله مُسَاوٍ ، العلاّمة الفاضل المحقّق ولدُنا السيّد الحفناوي ، لازلتَ محفوفًا بالرّعاية ملحوظًا بعين العناية ، وسائر مَحَابِّكَ ومن ينتمي إلى كريم أعتابك عليكم أتمّ السلام مع مزيد الإكرام والإنعام ، أمّا بعد :
فإنْ تتكرّمْ بالسّؤال عن أحوالنا فإنّنا نحمد الله ونشكره ، وقد تشرّفنا بجوابك المُفصِح عن صفاء ودادك ، المُثمر بكمال محبّتك وحسن اعتقادك ، أدام الله بهجتك وحرس من كلّ مكروهٍ مُهجتك ، وقد التمستَ منّي تراجم بعض الأعيان ، اعلم أنّ بعض من ذكرتَ لم أسمع به فضلاً عن أن أعرف له خبرًا ، ماعدا اثنين فقد وجدتهما في (كشف الظنون) وهما : " الفرغاني" و" الناصر اللّقاني" ، إلاّ أنّه لم يؤرّخ وفاة النّاصر على عادته ، ولعلّ النّاسخ أسقطه سهوًا. قلتُ : والشّيخ النّاصر اللّقاني كان من المعاصرين لسيّدي عبد الوهاب الشّعراني المتوفّى سنة ثلاث وسبعين وتسع مئة ، وقد أثنى عليه في مواضع من كتابه (المنن الكبرى) ، ونصّ (كشف الظنون) باختصار في الفرغاني – شارح تائيّة ابن الفارض : هو السّعيد محمّد بن أحمد الفرغاني المتوفّى في حدود سنة سبع مئة ، وهو الشّارح الأوّل لها ، حُكِيَ أنّ الشيخ "صدر الدّين القوني" عرّض لشيخه "محي الدّين بن العربي" في شرحها فقال للصدر : لهذه العروس بعلٌ من أولادك ، فشرحها الفرغاني والتلمساني ، وكلاهما من تلاميذه ، وحُكِيَ أنّ الفرغاني قرأها أوّلاً على " جلال الدّين الرّومي المولوي" ، ثمّ شرحها فارسيّا وعربيّا وسمّاه (منتهى المدارك) ، وهو كبيرٌ أورد في أوّله مقدّمة في أحوال السّلوك أوّله : الحمد لله القديم الذي تعزّز الخ (أهـ) . وذكر أنّ للناصر حاشية على شرح المحلّى لجمع الجوامع ونصّه : " الشيخ ناصر الدّين أبو عبد الله محمّد المالكي اللقاني " (أهـ). قلتُ: وله حاشيةٌ على (التّصريح) ذكرها الشيخ يس أوّل حاشيته ، وشرحٌ على (مختصر خليل) سمّاه (تيسير الملك الجليل في جمع شروح وحواشي خليل) رأيتُ منه شرح الخطبة ، وهو عجيبٌ مشتملٌ على فوائد من علومٍ شتّى ، وقد وضع على شرحه على الخطبة العلاّمة " الأجهوريّ " شرحًا حافلاً في مجلّد ضخم، وللشيخ " عبد الباقي " تعليقٌ عليه أيضا ، وله حاشيةٌ على توضيح الشيخ خليل على مختصر " ابن الحاجب الفرعي " لم أرها ولكن أجد العزو لها في (الدّسوقي) وغيره. هذا ما حضرني في الوقت والله أعلم ، ويسلّم عليك كثيرًا السيّد محمّد بن الحاج محمّد ، والسّلام ممّن كتب من إملائه سيّدي محمّد بن عبد الرّحمن كان الله له وليّا ونصيرًا آمين ، بتاريخ 02 ذي القعدة الحرام سنة 1305 هــ (الموافق لـ 11 جويلية عام 1888م).
على هامش المخطوط من اليمين : وكما أنّي أخبرك أنّني أروم قضاء بعض المآرب عملاً بالسنّة لأنّه لا رهبانيّة في الإسلام فافهم ، فنطلب من سيادتك الإعانة لنا بما تقدر عليه ، فإنّ لي عليك حقًّا لما سبق بيننا من المعاشرة في تعليم القرآن والمطالعة ممّا يعُدُّهُ ذوو الفضل مثلك مَشْيَخَةً ، وإن كنتُ لستُ أهلاً لها ، وإن أردتَ جوابي بما يظهر لك فاكتبه لي باسمي فإنّه يصلني ، فإنّني لا أحبّ إطلاع أحد على هذا الأمر ، وما تفعلوا من خير يعلمه الله.
انتهــــــــى
لتكبير الصورة اضغط عليها
|
|