الرهائن المحرّرون يروون شهاداتهم:
هكذا أنقذنا الجيش من جحيم الإرهابيينالرهائن المحررون عند خروجهم من مطار هواري بومدين
أحد الإرهابيين لزميله: "اطلق النار.. كاين الرصاص وكاين السلاح.."!
المجرمون كانوا يخاطبوننا بلهجات مصرية وتونسية وبالانجليزية
كانوا يرتدون بذلات عسكرية وملثمون باللون البني القاتم ولا تظهر إلا عيونهم.. يحملون هواتف نقالة حديثة وأجهزة لاسلكية، مدججون بأسلحة كلاشينكوف.. وكنا نسمع منهم لهجات تونسية ومصرية وليبية، والبعض منهم كان يحدثنا باللغة الإنجليزية، حرصوا على عدم تعرية وجوههم... يرددون في كل لحظة كلمة "الله اكبر".. استنطقونا ليعرفوا إن كنا جزائريين أم أجانب.
..يطلقون النار على أبواب غرفنا.. ويصيحون "أولن ذو دور"، وكان البعض منهم يقول "سنلقن فرنسا درسا وستدفع الجزائر ثمنا غاليا".. فيما قاموا بتكبيل جميع الأجانب ويضربونهم بالأرجل.. شهادات مثيرة ننقلها لكم على لسان الرهائن الناجين من جحيم إليزي، وكانت "الشروق" في استقبالهم بمطار هواري بومدين الداخلي.
..كانت الساعة تشير إلى تمام السادسة مساء عندما حطت طائرة أول طائرة تابعة للخطوط الجوية "طاسلي كيو 400" وهي تقل عن ما يزيد عن 70 رهينية، قبل أن تصل طائرة ثانية تحمل 155 رهينة ناجية أخرى في حدود الساعة السابعة مساء، كان البعض منهم تبدو على ملامحه آثار التعب والإرهاق، وبعضهم كان يتكئ على زميله، ولم يستطع حتى حمل حقيبته، واستطاعت "الشروق" أن تقترب من بعضهم.
.
طلقات نارية ورائحة الموتكنا نائمين في شاليهات "جي جي سي"، وهي شركة يابانية، وكنا حوالي 70 شخصا من بينهم يابانيون قبل أن نسمع صفارات الإنذار وهي تدوي، وكانت الساعة تشير إلى الخامسة و48 دقيقة صباحا، فاعتقدنا أن الأمر يتعلق بحريق أو شيء في القاعدة، لكن صفارة الإنذار لم تتوقف وكانت تعاد بين الحين والآخر، مما جعلنا نرتبك ونخرج إلى ساحة القاعدة بملابس النوم، لكن فوجئنا بطلقات رصاص تأتي من مركز المراقبة الذي يبعد عن البوابة الرئيسية للشاليهات بحوالي كيلومتر واحد، ولم يخيل بتاتا في أذهاننا أن الأمر يتعلق باقتحام إرهابي .
...لكن الغموض زال عندما بدأنا نسمع صيحات الله أكبر.. الله اكبر، سننتقم منكم أيها الصليبيون.. بلهجة غير جزائرية ما جعلنا نتأكد بأن الأمر يتعلق باعتداء إرهابي، فعدنا فورا إلى غرفنا واختبأنا تحت الأسِرّة، وحاولنا أن نتصل من هواتفنا، لكن أغلب الخطوط كانت خارج مجال التغطية.
وبشق الأنفس، واصل محدثنا ما عايشه هو ورفقائه وعيناه مغرورقتين بالدموع قائلا: "لم تمر إلا دقائق، فبدأنا نسمع صوت الرصاص على الأبواب ونحن مختبئين تحت الأسرة وسمعنا باللغة الإنجليزية "أوبن ذ دور" افتح الأبواب"، وانتابني أنا وعمالي خوف شديد، والبعض منا بدأ يردد الشهادة.. وخوفا من أن يطلقوا النار علينا، قمنا بفتح الأبواب ورفعنا أيدينا فوق رؤوسنا، حيث قاموا بمساءلتي، هل أنت جزائري؟ لأرد عليهم نعم، وطلبوا مني أن أتحدث، وعندما تأكدوا أنني فعلا جزائري الأصل، قالوا لي "ما تخافش" باللغة المصرية، عد إلى غرفتك والتزم الصمت، فأنت غير معني بالعملية التي كلفنا بها... في حين قال أحد الإرهابيين نطق باللهجة المصرية "لاتفسدوا الذخيرة..." قبل أن يقاطعه إرهابي جزائري ليرد عليه: "لا تقلق الشركة قادرة... كاين الرصاص وكاين السلاح... لا تقلقوا جئنا لننتقم من الصليبيين".
.
لباس "البارا" وهواتف نقالة آخر طراز وأسلحة حربية بحوزة الإرهابيينليقاطعه الحديث المدعو سلماني ياسين المنحدر من منطقة بوغني بولاية تيزي وزو، رئيس الطباخين، حيث كان جد متأثر، يتحدث إلينا عن تفاصيل الهجوم، وكان يردد في كل مرة "ربي سترنا.. الحمد لله.. الحمد لله في كل الأحوال" قائلا: "..كانوا يرتدون ملابس من نوع "البارا" ويحملون هواتف نقالة مدججين بالأسلحة، كانوا حوالي 10 إرهابيين يتحدثون جميع اللهجات العربية، خاصة المصرية والليبية والتونسية وطبعا الجزائرية، والإنجليزية، كان أحدهم أشقر يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، ويعطي الأوامر لبقية الإرهابيين، قاموا بإطلاق الرصاص على مفتاح باب غرفتي، وخرجت من تحت السرير ورفعت يدي إلى السماء.. وسألوني هل أنت جزائري؟ قلت لهم نعم، وعاودوا عليّ السؤال، أين نجد الأكل والمشروبات؟ ودليتهم على المكان، وأمروني بدخول الغرفة وإغلاق الباب".
.
هكذا فررنا من قبضة الملثمين...ومن جهته، يروي الناجي الثالث بدي سمير، عامل بقاعدة "جي جي سي" تفاصيل الهرب من جحيم الإرهابيين، قائلا: "إضافة إلى تفاصيل زملائي التي سمعتموها وعشتها لحظة بلحظة، وبعد أن غادر الإرهابيون مكان الشاليهات، حاولنا الهروب من القاعدة وكنا حوالي 20 عاملا بيننا إيطاليون وياباني، وبمجرد خروجنا إلى الساحة، تفاجأنا بجثث أزيد من 5 أشخاص كانت مرماة على الأرض.. وأظن أنهم كلهم أجانب.
وقاطعة الحديث بوعلام بوستة، المنحدر من بوجيمة، ليواصل تفاصيل الهروب، حيث أكد قائلا: "خلال محاولة الوصول إلى مركز المراقبة، سمعنا أزيز الرصاص، وفي لحظتها عدنا إلى حيث كنا واستعملنا أحد الممرات الأرضية، وخرجنا من موقع القاعدة، وكانت سيارات الدرك الوطني تحيط بالمكان، وفعلا تم إجلاءنا، وكان معنا 6 أجانب، أين تم نقلنا إلى مستشفى عين أمناس".
|
|