أكد الشيخ محمد سعيد رسلان، أن الأيام القليلة الماضية منعطف خطير فى تاريخ الوطن، ومستقبله لسان الميزان يتذبذب بين كفتين، استقرار وهناء أو فوضى وشقاء، والذى يرجح إحدى الكفتين الشعب نفسه، إما انتبه واجتمع وأدرك الركب وسلم، أو غفل واختلف وتخلف عن الركب فضاع وندم، من حق الشعب وواجب عليه أن يعرف الإجابة عن السؤال، ماذا لو تخلى الشعب عن جيشه؟، وتستدعى الإجابة سؤالا آخر توضحه كيف يتخلى الشعب عن جيشه؟، بأن يترك الشعب جيشه بلا غطاء داخلى، وبلا غطاء دولى، والغطاء المحلى.
وأضاف رسلان، أن تخلى الشعب عن الجيش معناه أن يظل الجنود والضباط يواجهون الموت بصدور عارية وهمم عاتية، يضنيهم السهر، ويحفهم الخطر، وتتراقص حولهم أشباح عدو يكفرهم، ويستبيح دماءهم ويقتلهم ويسعى لتدميرهم ونسفهم، ويبقى الشعب غير مدرك لحقيقة الأمور يطالب الأمان ولا يبذل لتحصيله كثيرا ولا قليلا، ويطلب الحماية ولا يسلك للوصول إليها سبيلا.
وأضاف رسلان، أن هذا يعنى أن يبقى الشعب غير موقن بأن له عدوا يكفره ويستحل دمه وماله وعرضه، قد تحالف هذا العدو مع عدو آخر للشعب يطلب دياره ونيله وأرضه، ليبقى الشعب مبددا لوقته ناعما لدفئه، طالبا لملذاته غير مقدر تقديرا صحيحا حقيقة ما يبذل لينعم بذلك من أرواح زاهقة ودماء نازفة وجراح نيران آلامها محرقة، وآثار جراحها صاعقة ليبقى الشعب غير مدرك أنه يخوض حربا حقيقة مع عدو يستخدم كل وسائل الحرب القذرة مما لا تقره الشرائع ولا الأخلاق والأعراف.
وقال رسلان، إن العدو يعتقدها حربا مقدسة تستباح فيها الأنفس وتراق فيها الدماء، وتنهب الأموال وتهتك الأعراض، والخطر الحقيقى هو أن يبقى الشعب غير مدرك أنه فى خطر، فإنه أخطر من الخطر ألا يحس بالخطر من هو فى الخطر، والخطر الحقيقى أن يشعر المرء أنه فى أمان فى الوقت الذى أحاطه الخطر.
وقال رسلان، إذا لم يشكر الشعب نعمة الدفء التى لا يجدها من يجمد البرد أطرافه، وهو ساهر بحمايته لينعموا بدفئهم وحمايته إذا لم يدركوا ذلك فقط تخلوا عن حراسهم الساهرين وأبطالهم المرابطين، وتخلوا عن جيشهم المناضل، وتخلى الشعب عن جيشه وتركه بلا غطاء دولى، بأن يدعو الشعب جيشه ليكون ناصره ومعينه فى تحقيق مراده فإذا لباه وحقق مراده وتحمل مسئولية ذلك وتعرض لأخطارها وذاق مرارة مخاطرها، مضى الشعب لطيته وقد حقق الجيش بغيته، وترك جيشه يصوره أعداء الدين والوطن بأنه لم يبغ إلا مصلحة، ولم يرد إلا مراده لا مراد شعبه، يناصر الشعب جيشه فى حربه وكفاحه بأن يكون ظهيره وحصنه، كما أن الجيش درعه وسيفه بحيث إذا ما دعاه لباه، وإذا ما طلبه وجده، وإذا ما استمهله أمهله، وإذا ما استنظره أنظره، وأن يكون مع جيشه بنيانا مرصوصا حتى لا يجرؤ أحد أن يقول إن الجيش صنع شيئا لنفسا، بل هو فى خدمة شعبه ورهن إشارته وأمره.
|
|