فتح موقف الجزائر المتذبذب من الثورات العربية، لاسيما جارتها الليبية وتأخر صدور أي موقف رسمي واضح من المجلس الانتقالي الليبي، الباب أمام التأويلات والانتقادات اللاذعة للدبلوماسية الخارجية الجزائرية وطريقة تعاطيها مع الأحداث في دول الجوار بدءاً من تونس ومصر وصولاً إلى ليبيا.
وجاءت الانتقادات هذه المرة على لسان صحف من داخل الجزائر رغم إعلان متحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية التزام حكومة بلاده "الحياد التام" من الأزمة الليبية ورفضها التدخل باعتباره "شأناً داخلياً".
هذا الموقف دفع بالصحف الجزائرية إلى شن حملة انتقاد واسعة لحكومة بوتفليقة وطريقة تعاطيها مع الأحداث الليبية والثورات العربية بشكل عام، حيث عنونت صحيفة "الخبر" الجزائرية في عددها الصادر اليوم الأحد في افتتاحية القسم الدولي: "الغائب الأكبر عن الثورات العربية.. الدبلوماسية الجزائرية تعتمد خطة أحسن طريقة للدفاع هي الهجوم".
وتابعت: "هناك إجماع لدى المتتبعين على أن الدبلوماسية الجزائرية تعاطت بسلبية مع الثورات العربية كلها وليس مع الملف الليبي فقط، ولكن الحالة الليبية كانت أكثـر بروزاً لأن للجزائر مع ليبيا حدوداً أطول مقارنة مع تونس".
وأضافت "هناك من يقول إن الجزائر الآن تدفع ثمن التعاطي السلبي مع الثورات العربية، وأنه لم يجر التفريق بين مصلحة الجزائر وبين مصلحة النظام الجزائري".
التقرير المنشور في صحيفة الخبر الجزائريية
أما صحيفة "الشروق" الجزائرية فقد اعتبرت أن الجزائر "التزمت صمت الأموات في مواجهة الثورات العربية"، وأرجعت ضعف الدبلوماسية الجزائرية وغياب موقف واضح من الربيع العربي إلى ضعف أداء وزير خارجيتها مراد مدلسي.
وتابعت في مقال بعنوان "سقطات الدبلوماسية الجزائرية في عهد مدلسي" قائلة: "فضح ربيع الثورات العربية ضعف أداء الدبلوماسية الجزائرية، وكشف بما يدع مجالاً للشك، أن المبرر الذي عادة ما ترفعه الجزائر كلما واجهت حراكاً شعبياً أو ثورة في الشارع العربي، وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لم يعدد مبرراً مقنعاً أو شماعة تعلق عليها الجزائر إخفاقاتها الدبلوماسية".
وحذرت الصحيفة من تواصل غياب موقف واضح وحاسم للحكومة الجزائرية مما يجري من حولها من أحداث بدءاً من الثورة التونسية والمصرية تحت تعلة "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير".
ونبّهت لخطر العزلة التي ستواجهها البلاد وأن تدفع ضريبة صمتها في وقت تسعى فيها دول بعيدة مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، "لحشر أنفها" في هذه الثورات المصرية وتونس وليبيا.
موقف الإعلام الجزائري من طريقة تعاطي الحكومة مع أحداث دول الجوار لم يختلف كثيراً مع رأي الشارع الجزائري، حيث حذرت شابة جزائية في فيديو بث عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"حكومة بلادها من مواجهة عزلة مغاربية بعد نجاح الثورات في كل من تونس وليبيا ومصر والانتفاضة التي شهدتها المغرب والتي انتهت بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية.
ودعت الشباب الجزائري إلى اتخاذ مواقف جادة من حكومة بلادها والتحرك السلمي من أجل إجبار الحكومة على القيام بإصلاحات جادة.
وانتقدت الشابة ما سمّته "تخاذل الشعب واستسلامه للأمر الواقع والعيش تحت ما يسمى شعار "بلد الشهداء" و"أولاد الشهداء" التي طالما افتخر بها الجزائريون، داعية إلى عدم العيش على أوهام الماضي والتحرك بشكل سلمي في سبيل المطالبة بإصلاحات اقتصادية واجتماعية.