والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
محمد المبارك الأمين
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم :(( إن للمساجد أوتاداً . هم أوتادها , لهم جلساء من الملائكة , فإن غابوا
سألوا عنهم ،وإن كانوا مرضى عادوهم , وإن كانوا في حاجة أعانوهم)) قال الألباني : حسن صحيح ،
وفي رواية (( ما من رجل كان توطن المساجد ,فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان إلا يتبشبش الله إليه كما
يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم ))صححه الألباني.
وهذا مثل ضرب لنا للدلالة على تلقي الله هذا العبد المؤمن ببره وكرمه وتقريبه إياه مع فرحه بعوده ومقدمه .
إن المساجد قلعة للإيمان وحصن للفضيلة .. ومنار للهداية . فليس ديراً للرهبنة ولا زاوية للمتعطلين ، ولا تكيّة
للدراويش .
إنه وجد يوم أن أسس ليكون مهداً للانطلاقة الكبرى التي شهدها التاريخ , فلم يعرف في ديوان إي حضارة ولا سجل
أي ثقافة معْلم أثر
في مسار الإنسانية واستنقذها من وهدتها كمسجد رسول الله صلى الله عليه
مسلم فكان للصحابة
رضوان الله عليهم مقراً لاجتماعهم , ومركزاً لمؤتمراتهم ,
ومحلاً لتشاورهم وتناصحهم , فيه يتآلفون ويتعارفون
وعلى الخير يتعاونون , إنه المعهد والمدرسة والجامعة التي تخرّج منها العلماء والدعاة والقادة الذين هم على أيديهم
وبفضل من الله أشرق على الأرض نور هذا الدين مشارقاً ومغارباً , ففيه
تعقد الألوية , ومنه تسير الجيوش , زواياه
حلقات علم وذكر وفي رحابه كان
التقاضي والقضاء , وفيه كانت تجرى الملاعنة بين الرجال والنساء , كان
الجرحى
فيه يمرضون ، وبسواريه فيه الأسرى يربطون فإذا بهم على الإسلام
يقبلون لما رأوا من شأن المؤمنين فيه فأقدامهم
متراصة وأكتافهم متزاحمة
وجباههم جميعاً على الأرض ساجدة وخاضعة . فيه تحل مشاكلهم وتقضى بتآزرهم
حوائجهم