من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح

بسم الله والحمد لله والصلاة والسّلام على رسول الله

شكـــر خـــــاصّ:

أتقدّم بتشكّراتي الخالصة إلى الأخوين الكريمين محمّد الصدّيق وابن السنوسي بن صالح ابنا المرحوم لما قدّماه من معلومات وصور تخصّ والدهما ، وكذا إلى الأستاذ محمّد بن عبد الرّحمن (الشّيخ) بن صالح الذي اقتبستُ منه بعض اللّفتات في إنجاز هذا العمل المتواضع.

صدق الشّاعر إذ يقول :

حُكمُ المنيّة في البريّة جارِي
ما هـــذه الدّنيــــا بِـــدَارٍ قـرارِ
بينا يُرى الإنسانُ فيها مخبرًا
حتّى يُــرى خبــرًا من الأخبارِ

هو المرحوم الحاج عيسى بن محمّد الصدّيق بن امحمّد بن صالح ، والده هو العالم الربّانيّ المعروف سيّدي محمّد الصدّيق – أمين سرّ وكاتب وخادم الشيخ سيّدي محمّد بن عبد الرّحمن الدّيسي – توفّي بقصر الشلاّلة – ولاية تيارت ودُفِن بها (كما كان يريد ويدعو الله بذلك)، وقبرهُ معروفٌ ويُزار إلى الآن ، والثابت أنّ الشيخ الدّيسي رضي عنه ودعا له بدعاء الخير ، وأمّ الحاج عيسى هي المرأة المستورة الصّالحة السيّدة كلثوم بنت عبد القادر بن المدّثر صغيّر.

وُلد المرحوم الحاج عيسى سنة 1929م ، ونشأ في بيت والده العلاّمة أين ترعرع في جوّ الدّين والعلم والأخلاق العالية ، وبدأت رابطته الحميميّة بالقرآن الكريم مع والده الذي علّمه منه الجزء الأكبر كما علّمه ما يحتاجه النّاشئ من علوم الدّين وخاصّة الفقه ، والظّاهر أنّ تلك التربية الدّينية انعكست على جميع مراحل حياته ، فلم ينقطع عن مدارسة القرآن الكريم وتدبّره حتّى آخر حياته ، كما كان سَمتُهُ الخاصّ انعكاسًا طبيعيّا لسمت والده الرّجل الصّالح ، وقد روى من عرف الوالد أنّ الولد كان أشبه الأبناء بوالده خَلقًا وخُلُقًا.

توفّي والدهُ ذات يومٍ من سنة 1943م وكان الحاج عيسى يبلغ من العمر آنذاك حوالي 14 سنة ، حيث اضطرّتهُ ظروف الحياة للإنتقال مع والدته وخاله محمّد وإخوته إلى الغرب الجزائريّ ، وبالضّبط إلى مدينة " مهديّة " بتيارت (كانت تُسمّى في عهد المستعمر الفرنسي " بيردو – Burdeau) ، وذلك بُغية العمل من أجل توفير لقمة العيش الصّعبة في تلك الأيّام ، ثمّ انتقل مُهاجرًا خارج الوطن نحو فرنسا عام 1949م لنفس الغرض ، وفي فرنسا لازم عمله إلى غاية 1958م وتعرّف خلال هذه الفترة على مجموعةٍ من المناضلين في الحركة الوطنيّة ، ومن ثمّ على انضمّ إلى صفوف جبهة التحرير الوطني التي كانت تقود الثورة التحريرية المظفّرة ، وكان ناشطًا في جمع الإشتراكات والتبرّعات وانخرط أيضًا في لجان التنسيق المتواجدة بفرنسا.
وفي سنة 1958م عاد المرحوم إلى أرض الوطن أين تزوّج في نفس السّنة من واحدةٍ من بنات العائلات البرهوميّة المحترمة ، ورُزِق بستّة (06) أولاد ثلاثتهم ذكورٌ هم : السيّد محمّد الصدّيق – سَمِيُّ جدّه- وهو إطارٌ ساميّ وتقنيّ معروف ، وكذا الشابّ الطّموح العصاميّ الرّزين والصديق العزيز ابن السّنوسي ، والأخ الفاضل البشوش المُجِدُّ رابح ، والحقّ أنّ كلّ واحدٍ من الثلاثة يُعاملك – إذا أنت خالطتَهُ- بخُلُقٍ كريمٍ أو بسمةٍِ صادقة أو كرمٍ وأريحيّةٍ ، تُذكّرُ كلُّها بخصال والدهم الرّاحل.

مَارَسَ المرحومُ عدّة وظائفٍ منذ 1958م إلى غاية تقاعده حوالي سنة 1990م ، وكانت من أهمّ محطّات حياته العمليّة محطّتان هما :

- اشتغاله ككاتبٍ في سلك القضاء رفقة القاضي المرحوم الحاج عيسى بن عبد الرّحمن وكذا أخيه المرحوم سي بلقاسم بن صالح ، حيث ألمّ بأحكام الشّرع والقوانين المدنيّة ، ممّا أتاح له أن يلعب دورًا اجتماعيّا مهمًّا تمثّلَ في سعيه الصّادق والحثيث في قضاء مصالح النّاس وتحرير مختلف العقود وحضور مجالس الصّلح وغيرها ...

- عمله مع اخيه الحاج النّذير بن صالح في المقاولة ، حيث ترك مع إخوانه بصمةً واضحة بإنجاز العديد من المشاريعالحيويّة القائمة لحدّ السّاعة وفي مناطق متعدّدة منها على سبيل المثال : سيدي عيسى ، ونوغة ...

حجّ المرحوم بيت الله الحرام عام 1997م ، ويومُ عودته كان يومًا مشهودًا فيما أذكر.
كان من المداومين على حِلَقِ القرآن والذّكر مع الجماعة ، ومن الحريصين على آداء الواجبات الأسريّة والإجتماعية المختلفة.

وفي السّنوات القليلة الماضية ابتلاه الله –سبحانه- بمرضٍ أقعده الفراش وظلّ يقاوم المرض صابرًا محتسبًا حتّى وافته المنيّة يوم 17 جوان من السنة الجارية –رحمه الله-.
كان للمرحوم باعٌ في تدوين المخطوطات من الأحكام القضائيّة والشّعر ، لِمَا حَبَاهُ الله به من خطّ جميل ، وقد وصل إلى علمنا أنّه قام بنسخ عدّة كتب دينيّة وأدبيّة لكثيرٍ من النّاس ، ومن هؤلاء عائلة " عبد اللطيف" من بوسعادة.

عُرِفَ – رحمه الله – بفصاحته وسعة اطّلاعه وثقافته الثريّة ، وسرعة بديهته وحفظه الواسع لتفاصيل التاريخ المحليّ والوطنيّ ، كما عُرف بتواضعه الشّديد حتّى أنّه كان دائم التبسّم والسّؤال عن أحوال الأقارب والأباعد ، وكان مُوقِّرًا للكبار رحيمًا بالصّغار ، وكان رجلاً كريمًا مهذّبًا خَلُوقًا ، طيّب الكلام ، ليّن الجانب ، ممّا أكسبهُ محبّة واحترام الجميع.

موقفٌ شخصيٌّ له – لا أنساه أبدًا – وهو: شهادته لوالدي – حفظه الله – أمام الجماعة بأنّه أدّى أمانته وقام بواجبه تجاه أبناء بلدته ، وأنّه كان بارًّا بكبارها وصغارها ورجالها ونسائها وأنّ نظيره في وقتنا قليل – على حدّ قوله رحمه الله –

رحمة الله عليك يا سي الحاج عيسى ، نسأل الله تعالى لك الفردوس الأعلى من الجنان مع والدك والمشايخ والصّالحين ، وندعو الله تعالى أن يسير أولادك وأحفادك في دربك وعلى خطواتك وخُطَى آبائك وأجدادك ، آمين.

*** إبراهيم بن جلول طاهري ، الدّيس يوم 25 جوان 2013م ***

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح 1044481_471213419638871_452803909_n

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح 1044481_471213419638871_452803909_n

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح 11450_471213442972202_705780054_n

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح 1044831_471213402972206_242453056_n

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح 983960_471213342972212_728045298_n

بارك الله فيك شيخنا على هذه اللمحة التاريخية عن شخصية المرحوم الحاج عيسى بن محمّد الصدّيق بن امحمّد بن صالح
eddis1

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح

من أعيان أولاد سيدي إبراهيم : المرحوم الحاج عيسى بن صالح

المواضـــــــيع المشابــــــهه