الثلاثاء 08 مارس 2022, 19:54 الإثنين 15 مايو 2017, 17:01 السبت 14 مايو 2016, 09:19 الإثنين 11 أبريل 2016, 11:28 الإثنين 11 أبريل 2016, 11:18 الإثنين 29 فبراير 2016, 21:55 الإثنين 29 فبراير 2016, 21:50 الأحد 28 فبراير 2016, 13:24 الأربعاء 03 فبراير 2016, 10:31 الأربعاء 03 فبراير 2016, 10:13 الأحد 24 يناير 2016, 12:33 الخميس 24 ديسمبر 2015, 07:28
منتدى جزائري تم انشائه سنة 2008، متنوع في محتواه يعمل على كل ما هو مفيد للمتصفح العربي
موضوع: أولاد سيـــدي إبراهيـــم الغــول : حاضرة العلم والأدب والفنون ... بين ماض حافل وحاضر واعد .... الجزء الأول: الأحد 28 ديسمبر 2014, 08:55
أولاد سيدي إبراهيم الغول حاضرة العلم والأدب والفنون ... بين ماض حافل وحاضر واعد ....
الجــزء الأول:
بقلم الأستاذ : محمد بن عبد الرحمان بن صالح
لا أزال أذكر عبارة ظل صداها يتردد في أذني وأبناءَ جيلي منذ السنوات الأولى للاستقلال عن شيوخنا ومعلمينا تقول: إنَّ الديسَ هي "مكة الصغرى" أو : "مكة الصغيرة" كما كنا نردد بلهجتنا العامية. والتشبيه في هذه العبارة يتضمن التشريف وعلو القدر والمكانة والإشارة إلى أن هذه القرية الصغيرة بعدد ساكنيها كانت محجة طلاب العلم والأدب والفضل مثلما أن مكة المكرمة مقصد الحجاح من كل بقاع الدنيا... وقد اكتسبت قرية الديس هذه المكانة لما كانت تحتضنه من أساطين العلم وفطاحل الأدب والشعر وبيوت الكرم والفضل ومكارم الأخلاق. لم يكن في حياتنا آنذاك فضائيات ولا انترنيت ولا وسائل اتصال حديثة بإمكانها أن تسرب قيما من هنا وهناك، وما كان متاحا من وسائل كان محدود التأثير في تشكيل الوعي وبناء منظومة القيم مقارنة بما نشهده اليوم. لذلك كان من شأن عبارة كهذه تقال وتردد بأفواه الأطفال والشبان بعفوية، أن تمرر قيمة أساسية في بناء الفكر والشخصية السوية وهي: تقديس العلم وإجلال العلماء وأيضا السعي في طلب العلم واكتسابه. وهكذا كان آباؤنا يدخلوننا الكتاتيب أو: المدارس القرآنية ونحن صغار اقتداء بسنة السلف الصالح فكنا نحفظ القرآن ونتدارس القصص القرآني وتفسير الآيات على أيدي شيوخنا الذين نسميهم "الطلبة" (بضم الطاء المشددة وتسكين اللام) أي "مدرسي القرآن الكريم" ومن منا لا يذكر الطالب سي أحمد والطالب سي عبد الرحمان والطالب سي علي رحمهم الله وطيب ثراهم وهم أصحاب الفضل والأيادي البيضاء علينا جميعا. ومن خلال "الكتاب" (بضم الكاف وتشديد التاء) الذي كان يسمى: "جامع العربية" كان تعليم اللغة العربية وترسيخها في الأذهان والنفوس تأكيدا للانتماء إلى الحضارة العربية الاسلامية والتميز عن كيان المستعمر الدخيل. ومن خلال الكتاب أيضا نجح أسلافنا في القضاء على الأمية فلا تكاد تجد من آبائنا من لا يقرأ ولا يكتب وهذه حقيقة لا ينكرها إلا جاحد، بل إن من أمهاتنا من تكتب وتقرأ ولو ما تيسر لكسر طوق الأمية وتبديد ظلمات الجهل. وعندما يشار إلى العلماء والأدباء والشعراء والمؤرخين فإنك تدهش لكثرة الأسماء التي احتضنتها تربة أولاد سيدي ابراهيم الطيبة، والديس -تحديدا- منارتُها المُشِعَّة بنور العلم والمعرفة. ومن ذا الذي لم يسمع بواحد من هؤلاء: العلامة الشيخ محمد بن عبد الرحمان الديسي و الشيخ بن بلقاسم والعلامة الشيخ أبو القاسم الحفناوي والشيخ المازري والشيخ محمد الصديق والشيخ ابراهيم بن المسعود والشيخ محمد بن عبد الحق والشيخ الفضيل بن امحمد والشيخ أحمد بن سليمان والشيخ أحمد بوداود ولد العلامة محمد بن عبد الرحمان الديسي، والشعراء: سيدي محمد الشلالي وابنه ابراهيم وسيدي محمد بن السنوسي شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم والحاج السعيد بن أحمد بن السنوسي بن بنهني وبن صالح رابح بن أحمد ومحمد بن دحمان بن الزيتوني وغيرهم من رجالات الأدب والفكر والإصلاح؟ ومن ذا الذي لم يقرأ أو يسمع عن الآثار والنفائس الفكرية والأدبية الخالدة : القهوة المرتشفة، النصح المبذول، هدم منار الأشراف، المناظرة بين العلم والجهل وغيرها للديسي، وتعريف الخلف برجال السلف للعلامة الشيخ أبو القاسم الحفناوي صاحب القصيدة الشهيرة العصماء التي مطلعها : "ألا قل لباغ" وهي رد مفحم لمن حاول أن يطعن في قيمة تراث أولاد سيدي ابراهيم العلمي أو يشكك في مبلغ العلم والفضل والاستقامة لعلمائنا وأسلافنا الكرام، وفيها شهادة من ذلك العصر تصلح حجة ودليلا على واقع نأى وغابت ملامحه عن زماننا وندر التأريخ بشأنه لمن ينشد التفصيل والتدقيق. فلنتأمل هذه الأبيات للشيخ الحفناوي من القصيدة ذاتها: فمن ذا يجاري لنا عالما **** إذا فاه بث عقود الجمان ومن ذا يباري لنا قلما ** إذا رن في الطرس غنى البيان فهل كان الشيخ الحفناوي ليجرؤ على إعلان مثل هذا التحدي لولا وجود العلماء بالعدد الغالب والوزن الظاهر حيال من كان موجودا من جهابذة العلم في ذلك الزمان؟ وهل كان يستطيع أن يقر بأن أجود وأرفع ما كان يكتب بلغة القرآن هو ما ألفه أبناء سيدي ابراهيم الغول لولا التآليف الغزيرة ذات القيمة الرفيعة في كل مضمار من العلم والأدب؟ هي نقطة للتأمل كما أنها موضع للافتخار والاعتزاز. ولم تنحصر مظاهر الثقافة والفكر منذ زمن الديسي والحفناوي والمازري وما قبله في أبواب العلوم الدينية فحسب بل تعدت ذلك إلى ميادين الإبداع الأدبي وهي كثيرة حيث نظم أسلافنا الشعر في أغراض الفخر والرثاء والمديح والغزل وحتى الألغاز الشعرية والرسائل والرحلات. ففي الحقل الشعري يقف شعراء عظام ينتابك وأنت تطالع قصائدهم الانبهار أمام روعة البناء الشعري وبلاغة التعبير وروعة التصوير وكأنك تقرأ لشعر المعلقات كمالا وجمالا ورقة ومن أمثلة ذلك ما أبدعه سيدي محمد الشلالي وابنه ابراهيم وسيدي محمد بن السنوسي في مديح النبي صلى الله عليه وسلم وسيدي الحاج السعيد بن أحمد بن السنوسي الذين عاشوا بين القرنين السادس والسابع عشر للميلاد. ومن تبعهم من شعراء عاشوا بين نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين من أمثال: بن صالح الحاج رابح وبن الزيتوني محمد بن دحمان. ومن أشهر القصائد نذكر : "ما صُبْت ثْلُوبَه فطَّار ءا خُطَّار" و"الناس اطياب نومها وانا ما طاب" و"باسم الله بديت باغناي انمجد" و"صواق الجمال همَّد" و"ساروا ساروا" لسيدي محمد الشلالي. "نا قلبي طار من حب خاتم الانبيا" لسيدي ابراهيم بن محمد الشلالي. "شفته في منامي" و "ياباقي عظيم واجد" و "لله يا نفسي" و "ركب الحجاج سار" لسيدي محمد بن السنوسي. "اقمري اللمعة يا ساكن في وكر الضلعه" و حشمتكم بالله يا لعديليات غيثوني" لسيدي الحاج السعيد بن أحمد بن السنوسي بن بنهني. "يا حضار نحكيلكم ما صار" و باسم الإله ابتدي" لسيدي الحاج رابح بن أحمد بن صالح. "لله يا رفيقي ضاقت لرواح" لسيدي محمد بن دحمان بن الزيتوني. وكانت هذه الأشعار الرائعة تردد وتمدح وتغنى في المناسبات الدينية كالمولد النبوي الشريف وعاشوراء والأعياد والأفراح. ومن أشهر من جمعها وحفظها وتغنى بها: الحاج رابح بن صالح والحاج بلقاسم بقاش مما ساهم في ترسيخها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة. ومنذ منتصف القرن العشرين أعقب هؤلاء جيل من كبار شعراء الملحون كتبوا فأبدعوا، كتبوا عن أفراح الناس ومآسيهم وكانت أشعارهم تردد في مناسبات كثيرة كعودة الحجيج والأفراح وما إلى ذلك ومنهم –على سبيل المثال لا الحصر- الشاعر بلقاسم بن محمد الصديق بن صالح، والشاعر احميده بن الحاج بلقاسم فضيلي وأخوه أحمد رحمهم الله وآخرون كثيرون وأخريات كذلك لا يتسع المجال لذكرهم. وهكذا فقد كتب أسلافنا في أغراض فكرية وأدبية متنوعة لا ننسى أن نشير من بينها إلى أدب المقامات على نحو مقامات بديع الزمان الهمذاني والحريري كما يتجلى في آثار العلامة محمد بن عبد الرحمان الديسي وأدب المراسلات والرحلات.. الأمر الذي يظهر وجها آخر مشرقا لواقع ثقافي كان منذ بداياته يحمل بذور التطور وينبئ بمستقبل ثري بالتعدد والتنوع والاختلاف.
أولاد سيـــدي إبراهيـــم الغــول : حاضرة العلم والأدب والفنون ... بين ماض حافل وحاضر واعد .... الجزء الأول:
صفحة 1 من اصل 1
تسهيلاً لزوارنا الكرام يمكنكم الرد ومشاركتنا فى الموضوع بإستخدام حسابكم على موقع التواصل الإجتماعى الفيس بوك
الثلاثاء 08 مارس 2022, 19:54
موضوع: أولاد سيـــدي إبراهيـــم الغــول : حاضرة العلم والأدب والفنون ... بين ماض حافل وحاضر واعد .... الجزء الأول: 
