الأستاذ
إبراهيـــم بلقاســـم أستاذي في مادّة العلوم الطبيعيّة ، كان رحمه الله من أفضل وأحبّ الأساتذة إلى قلبي ، درّسني في السنة 1987 - 1988م بمتوسطة المازري ، كان هادئا وفي نفس الوقت حازما وجادّا وقليلا ما كان يصرفه عن درسه استطراد أو كلام هامشي ، كان أسلوبه رائعا في توصيل المعلومات ، وكان درسه من أمتع الدروس التي كنت أتلقّاها ، أذكر أنّه ناقش معي قضايا علميّة حسّاسة ما كنّا نعرفها وقتذاك وما كان لأحد أن يناقشها معنا نحن الشباب بتلك الشفافية والصّراحة في تلك الأيّام ، كما أتذكّر جيّدا أسلوب النقاش المنطقي الرّزين الذي استعمله معنا لتغيير بعض الأفكار المغلوطة والمتطرّفة التي علقت بأذهاننا من جرّاء طبيعة المجتمع الذكورية وكذا بسبب أفكار كان يتداولها الناس في تلك الحقبة ، كما لا أنسى ذلك التعنيف الذي تلقّيته منه في يوم من الأيّام وتلك الكلمات القاسية التي قالها لي في غضب وعيناه السّاهمتان ترمقانني في نظرة عتاب أليمة ... قال لي " تلميذ يتظاهر بالإجتهاد " ورماني بالكرّاسة ... ولا أنسى أبدا ما تركته كلماته في قلبي من جراحات وآلام .. لكنّ تلك الكلمات وذلك العتاب كانا وقودا سريع الإلتهاب سرعان ما أقلعتُ بهما نحو الجدّ والعمل وفي حسباني أنْ أثبت لأستاذي أنّني على عكس ما قاله لي تماما ... وهكذا غدوتُ من أحسن الطلبة إن لم أكن أحسنهم على الإطلاق .. وكان رحمه الله اعتذر لي بطريقة الأستاذ المربّي وبيّن لي أنّ ذلك التوبيخ كان لمصلحتي في النهاية.
رحمك الله يا أستاذي العزيز ، لم ولن أنساك أبدا بالذكر الجميل وزيارة قبرك ..فأنا في كلّ زيارة للمقبرة أقف قريبا من قبرك لأترحّم عليك وأدعو الله لك لأنّه بفضل تربيتك أنت وأمثالك من أساتذتنا الكرام الأموات - تغمّدهم الله برحمته - والأحياء - متّعهم الله بالصحّة والعافية - أصبحنا رجالا متخلّقين متعلّمين محترمين محبّين لديننا ووطننا أوفياء لقيمنا ومبادئنا.
جمعنا الله بك في جنات الرضوان إن شاء الله.
|
|