الفقهاء: ما تبثه المواقع الشيطانية سحر وزيارتها كزيارة المشعوذينإذا كنت تعانين من مشاكل مهنية، عاطفية، زوجية، أو ترغبين في استعادة حبيبك السابق وجلبه سريعا.. إليكِ هذه الوصفة... هي أمنيات كثيرة قد تخطر ببال حواء وتجدها دوما تبحث عن سبل لتحقيقها، فتتجه إلى الموقع الشهير "غوغل" لتكتب طلبها ثم تضغط على زر التشغيل لتظهر أمامها مئات الصفحات الإلكترونية المروِّجة للسحر والشعوذة فكل واحدة منها تعرض خدماتها ووصفاتها السحرية المختارة من كل أنحاء العالم محاولة استرضاء زبوناتها. فالسحر انتقل من الشوارع والبيوت ليستقر داخل شاشة الكومبيوتر.انتشرت في الآونة الأخيرة عدة مواقع على الشبكة العنكبوتية تروج للسحر والشعوذة والدجل تحت غطاء جديد ابتدعوه ولقبوا أنفسهم بـ"المعالجين الروحانيين" أو كما يطلق عليهم الفقهاء مصطلح "المعالجين الشيطانيين"، حتى إن هناك مدارسَ شهيرة في فرنسا وإنجلترا والوطن العربي افتتحت مواقع وخصصت منتديات لتعليم السحر المغربي والطلاسم العبرية عن بُعد وأخرى تسوِّق فيديوهات تعلِّم مشاهديها طرق تنفيذ السحر وخطوات استحضار من تسميه "الجن السفلي"، و"العلوي" وطرق تسخيره والسيطرة على القرين. بالإضافة إلى تقديمها خدمات وعروضا مغرية لاقتناء الخواتم الروحانية المزيَّنة بأحجار سحرية يزعمون أنها تمنح الزبون الهيبة وتساعده على الخلاص من العقبات التي تتخلل الحياة ومنها "العنوسة"، فضلاً عن الادّعاء بتوسيع الرزق، والصلح بين المتخاصمين، تحصينات وأحجبة ضد الحسد والعين وغيرها من أمور الدنيا والغيبيات التي تشغل تفكير النساء بشكل خاص والرجال على حد سواء. وقد بلغ عددها باللغة العربية 13 موقعاً دون احتساب فروعها، وهو ما سمح لمن يسمون أنفسهم بـ"الأخصائيين الروحانيين" بتطوير "خدماتهم" وتقديم عروض مع فتح فروع لها في الدول العربية بغية استقطاب المهتمين وضعاف النفوس مع خدمة توصيل العمل "السحر" إلى البيوت.شوافات الفايسبوك وإذا كان الكثيرون قد وجدوا ضالتهم الشيطانية على موقعي "اليوتيوب" و"غوغل" الشهيرين، حيث تنتشر الطرائق والمذاهب الأساسية في تعليم الشعوذة وتحميلات الكتب الأساسية في الشعوذة المغربية والعبرية، فإن هناك ساحرات وجدن في افتتاحهن حسابات خاصة على موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية "الفايسبوك" فرصة أخرى لتسويق "السحر الإلكتروني"، فتحتَ مسميات مغاربية مثل مليكة الشوافة، الشوافة المغربية، الشوافة مولات المجمّر... وغيرها تدار نقاشات وتتبادل وصفات سحر وشعوذة في الجلب الرهيب وطرق التعذيب. حيث تضع "الشوافة" على حائطها الفايسبوكي رقمها الهاتفي وبياناتها للتواصل معها وأغلبها أرقام لدولة المغرب لاستقبال الاتصالات مباشرة والرد عليها. كما بإمكان المشتركين في صفحاتها ترك رسالة أو كتابة تعليق يحتوي على الانشغال والذي يكون في معظم الأحيان متعلقا بقصص الحب ومشاكله، طرق إبطال السحر، إبطال "العكسة" أو "الثقاف"، طرق للنجاح في العمل والدراسة.. لتقوم بعدها بفترة بالرد عليهم وتزويدهم بالوصفات "الناجحة" على حدّ زعمها.. كما لا تتوانى في منحهم رقم حسابها البنكي ليحولوا لها الأموال مقابل بعض الحروز والحجابات التي ترسل بها إلى المغفلين والمغفلات الذين ضلوا ضلالاً بعيدا.
رسائل "إيمايل" مجهولة ولأن مرتادات المواقع "الروحانية" المزعومة بحاجة إلى خصوصية، تفضل أغلبهن اللجوء إلى مقاهي الأنترنت التي تمنحهن بعض الحرية النسبية، وهو ما جعل اختيارنا يقع على مقهى أنترنت بحسين داي، فتحدثنا إلى بعض الطالبات الجامعيات اللواتي فضلن كشف خطواتهن الأولى في التنجيم، فمنهن من تلقت "إيمايلات" من ساحرات شهيرات في فرنسا وإنجلترا مثل "إيزابيل"، يعرضن فيها قدراتهن على استحضار الأرواح والتواصل معها. وهو ما جعلهن من مدمنات هذه المواقع. تقول "إيمان"، 21 سنة، تدرس بالسنة الثانية لغة إنجليزية ببوزريعة، تقيم في القبة: "تلقيت رسالة على بريدي الإلكتروني "ياهو" من طرف إحدى صديقاتي في "الفايسبوك"، والتي طلبت مني التواصل مع "الوسيطة الروحانية إيزابيل" لتزويدي ببعض النصائح والحلول.. وبالفعل أرسلت إليها رسالة حول مشكلة عائلية كانت تؤرقني وزودتني ببعض الطرق والوصفات التي ساعدتني في اجتيازها، لكن بعد فترة تلقيت وصفات أخرى للنجاح في الحب تحتوي على مقاطع من "الإنجيل"، فخشيت أن يكون الأمر يتعلق بحملات تبشيرية. ومن يومها قطعت علاقتي بـ"إيزابيل" حتى إنني لم أعد أفتح حسابي إطلاقا.
أما صديقتها "هند"، فترى في هذه المواقع مضْيعة للوقت، مؤكدة أن السحر حقيقة لكن يستحيل أن يتعلمه المرء عن طريق فيديو أو بتحميل كتاب من أحد الروابط، فلا بد من طقوس معينة ليصبح الإنسان ساحرا والعياذ بالله. مضيفة أن غياب الرقابة الأسرية وسوء استخدام الأنترنت جعل الفتيات فريسات لمواقع النصب والاحتيال التي تستغل سذاجتهن لجني الملايين منهن وأكل أموالهن بالباطل.[/rtl]
النساء فريسة سهلة للدجالينإلى ذلك، كشفت دراسات اجتماعية أن النساء أكثر إقبالا وتصديقا لأمور السحر والشعوذة وسعيا وراء تطبيقها، لكون الجنس الخشن "الرجال" أكثر عقلانية ويتمتعون بمزايا ليس بإمكان المرأة تحصيلها مهما ارتفع مستواها التعليمي وسمت مكانتها الاجتماعية. وبغض النظر عن الأسلوب المعتمد فالسحر سواء وإن المسميات "الروحانية" أو الطرق الحديثة مثل استخدام "الأنترنت" هي مجرد وسائل للتضليل الاجتماعي، فالتطور العلمي والتكنولوجي أفرز عالما افتراضيا يحل محل المنجمين والأولياء الصالحين، حيث أصبح الكل يؤمن بأن الأنترنت لها القدرة على حل جميع مشاكلهم. وهذا ناجم عن تراجع القيم الدينية كالإيمان بالقضاء والقدر والاستعفاف، الأمر الذي شجع الفتيات بالأخص على الانحراف.
ما تبثه المواقع الشيطانية سحر من جهتهم، يجمع رجال الدين والأئمة على أن زيارة المواقع الروحانية، أو كما يفضلون تسميتها بـ"الشيطانية" حرام، ولا يجوز للمسلم ارتيادها أو التعاطي معها حتى وإن كان الأمر من باب الفضول أو الدعابة، خشية أن توقعه في الفتنة؛ فدخولها حكمه مثل زيارة الساحر أو المشعوذ كونها تشيع الفساد وتدعو إليه، لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين يوما". وقد حذر المختصون في العلوم الشرعية من استعمال الطلاسم والحروف المقطعة والكلمات المبهَمة والتي تكون في أغلب الأحيان أسماء لشياطين أو عفاريت من الجن لا يجوز استحضارُها أو الاستعانة بها لأنه شرك بالله، وحتى قراءة السور القرآنية المغيرة تحريفٌ للقرآن الكريم.
منقول من جريدة الشروق
|
|