يروي بعض أهلنا أنّ واحدًا من دُهاة أولاد سيدي إبراهيم وأكثرهم ظرافة وخفّة ظلّ ، كان من صنّاع الطاقيات البرهوميّة (الشاشيات) ، وهذه الصّناعة التقليدية المنقرضة -إلى جانب صناعة " الطّرحة " وهي نسجٌ بديعٌ يوضع على السّرج – كانتا تعتبران حرفتين خاصّتين بأولاد سيدي إبراهيم دون غيرهم.
وتصادف أن صنع ذلك الرّجل كمّا كبيرا من الطّاقيات ثمّ ارتحل على بغلته إلى مدينة من مدن الغرب الجزائريّ لتسويقها ، لكنّه قضى يومه ينادي أمام الدّكاكين وفي الشّوارع بأعلى صوته : " شاشيات ، شاشيات " وما من مُشتَرٍ!! ، فحزن الرّجل وأيقن أنّه سيعود إلى أهله وأولاده خالي الوفاض من البضائع وعُدّة التّموين ، فجلس يفكّر مليّا ثمّ اهتدى إلى حيلة لتصريف بضاعته الكاسدة ...
بدّل صاحبنا ثيابه ولبس شاشيّة من شاشيّاته وتنكّر جيّدا ، ثمّ توجّه إلى صاحب دكّان في الجوار وطلب منه أن يبيعه كمّا كبيرا من الشاشيّات البرهوميّة ، وهنالك سال ريق التاجر وقال متأسّفا : " الله الله ، خسارة لقد ظلّ رجلٌ ينادي على شرائها طيلة اليوم ، ولم يمرّ وقتٌ طويلٌ على مروره قرب دكّاني " ، فردّ عليه الرّجل الدّاهية : " معليهش لم يفت الوقت بعد ، إذا مرّ بك هذا البائع قبل الغروب فاشتر كلّ ما معه من الشاشيّات ، وغدا سآتي إليك ونتحاسب !!" ، ولجشع التاجر فقد قبل الإتفاق دون أدنى ضمان ، ثمّ أنّ صاحبنا عاد إلى هيئته الأولى ومرّ ينادي أمام التاجر على بضاعته ، فاستوقفه الأخير واشترى كلّ ما معه من " الشواشي " ، وهكذا باع الدّاهية البرهوميّ سلعته كلّها واشترى من ليلته مصروفه وتموينه وقفل راجعا إلى بلدته – الدّيس - ، بينما ظلّ ذلك التاجر ينتظر صاحبه المشتري الذي لم يَعُدْ !! ...
حاشية : لا شكّ أنّ المهتمّين بالنّوادر من أهل المنطقة يعرفون هذا الرّجل الظّريف ، أرجو فقط أن لا يذكر أحدٌ اسمه ولا خير من الترحّم عليه.
|
|