ثلاجة من شركة جينيرال إليكتريك في
إن فكرة إستعمال درجة الحرارة المنخفضة لحفظ الطعام قديمة و تعود إلى عدة قرون مضت ، و لكن شكل الثلاجة الحديث هو نتاج سلسلة من الابتكارات من قبل الكيميائيين و المهندسين و المخترعين على مر عقدين من الزمن و بالتحديد في القرن الثامن و التاسع عشر و يعود الفضل في إختراع مبدأ الثلاجة الحديث إلى المخترعين الأمريكيين Oliver Evans و Jacob Perkins و John Gorrie في أوائل القرن الثامن عشر ، و في أواخر نفس القرن ساهم المهندس الألماني Carl von Linden في تحسين و تطوير فعالية الثلاجات مما عبد الطريق للإنتاج الغزير لهذه الأجهزة الضرورية .
المحاولات الأولى لحفظ الطعام :عرف الإنسان من القدم أن درجة الحرارة المنخفظة قادرة على حفظ الطعام لمدة طويلة بالإضافة إلى طرق أخرى مثل التمليح و التجفيف و لكن هذه الطرق لم تكن فعالة لكل الأطعمة . قبل أن تصبح الثلاجات الميكانيكية منتشرة بكثرة ، كان البعض يستعمل غرفا معزولة بإحكام تسمى غرف الثلج حيث يستعمل الثلج و الجليد كمبردات طبيعية ، إن هذه الطريقة ظهرت في الألفية الثانية قبل الميلاد في أسيا و أوروبا رغم أن إسم المهندس التي إبتكرها ضاع في غيابات التاريخ.
أول ثلاجة :إستعملت غرف الثلج في العصر الحديث أيضا خاصة في المناطق الريفية المعزولة و غير المزودة بالكهرباء ، في بداية القرن الثامن عشر إبتكر المهندس الأمريكي Thomas Moore نسخة منزلية من الغرف الثلجية و هي عبارة عن غرفة معزولة متنقلة و مبردة بالثلج و إستعمل Moore مصطلح “الثلاجة” (refrigerator) لوصف إختراعه رغم انها معروفة بكثرة بإسم “صندوق الثلج” (icebox) ، يملك صندوق الثلج نفس شكل و وظيفة الثلاجة الحديثة .
في سنوات 1750 ، إكتشف عالم الفيزياء الاسكتلندي ويليام كولين بأن بعض التفاعلات الكيميائية بإمكانها إمتصاص الحرارة من مكان معين مكونة جيبا باردا (pocket of cold). و لم يكن كولين على علم بالتطبيقات العملية لإكتشافه العلمي و أنه سيصبح المبدأ الأساسي لعمل الثلاجات الحديثة . و في نفس الوقت التي إبتكر فيه Thomas Moore “صندوق الثلج” قام المهندس Oliver Evans يتصميم (لم يصنع بل صمم فقط) جهازا لإستغلال مبدأ العمل الكيميائي التي إكتشفه ويليام كولين ، و بقي الأمر كذلك حتى سنة 1834 حيث قام العالم Jacob Perkins بصنع أول ثلاجة عملية و نال عليها براءة إختراع ، و قام أيضا بإضافة تحسينات كثيرة على أنظمة التدفئة والتبريد و يسمى في بعض الأحيان بأبو التبريد.
يعد عشر سنوات ، سعى الفيزيائي الأمريكي إلى البحث عن مصدر ثابت للثلج لتخفيض درجة حرارة المرضى المصابون بالحمى الصفراء حيث أن الطريقة المستعملة في ذلك الوقت لم تكن تكفي بالغرض ، و إنطلاقا من تصاميم Oliver Evans قام بإختراع ثلاجة أكثر عملية و فعالية من ثلاجة Perkins و كانت بذلك نموذجا للثلاجة الحديثة .
طريقة عمل الثلاجة : إن نظام التبريد الميكانيكي يعتمد على مواد كيميائية تسمى المبردات (refrigerants) ، عندما تمر المبردات الكيميائية عبر الجهاز فإنها تضغط (تصبح مضغوطة) مما يؤدي إلى إرتفاع درجة حرارتها ، تحرر هذه الحرارة من الجهة الخلفية للثلاجة . عندما تحرر الحرارة يتكثف المبرد الكيميائي و يحافظ على ضغطه المرتفع ثم يمرر على جهاز التمديد فيتمدد السائل و يقل الظغط فيتحول السائل إلى غاز فتنخفض درجة الحرارة و تبرد الهواء ، تقوم المراوح بعد ذلك بنشر الهواء البارد داخل الجزأ المعزول من الثلاجة .
إستعملت الثلاجة الأولى سائل كيميائي مثل الأثير (ether) و لكن في سنة 1876 إبتكر Carl von Linden طريقة محسنة لتسييل الغاز (تحويل الغاز إلى سائل) مما أحدث ثورة في صناعة الثلاجات .
و لكن توجد عدة مشاكل في التصاميم القديمة ، حيث كانت تستعمل في الثلاجات الأولى غازات سامة مثل الأمونيا و ثاني أكسيد الكبريت و كلوريد الميثيل و في بعض الأحيان تحدث تسربات في غرفة الغاز مما يؤدي إلى حوادث قاتلة في أوائل القرن العشرين .و قد أدرك مصنعوا الثلاجات أهمية الإستغناء عن الغازات السامة مما أدى إلى ظهور المبردات الإصطناعية التي تسمى الكلوروفلوروكربون (chlorofluorocarbons) .
و لكن مركبات الكلوروفلوروكربون لم تكن الحل الأنجع ففي سنة 1970 إكتشف العلماء أنها تساهم بشكل كبير في الإضرار بطبقة الاوزون فحظر إستعمال مثل هذه المركبات و عوضت بمواد كيميائية أقل ضررا للبيئة و أكثر فعالية .
المصدر
|
|