الفشــل أخلاقـــي وليـــس علمـــــيّا !! ( كلام عن النتائج الكارثية لامتحان شهادة الأهلية )


... التقيتُ أمس بواحدٍ من قُدَماء أساتذة التعليم المتوسّط ، ورُحنا نناقش مهزلة نتائج امتحان شهادة الأهلية عمومًا وفي أولاد سيدي إبراهيم بالخصوص ، والتي وصلت في إحدى متوسّطاتها العريقة إلى نسبة لم تتجاوز 30 % ، وهي نتيجةٌ كارثيّة إذا نظرنا إلى تاريخ المنطقة في هذا المضمار وخبرةِ الأساتذة والطّاقم التربويّ والإداري ، والهِمَّة الوثّابة التي اشتُهِرَ بها شباب أولاد سيدي إبراهيم وشابّاتها في طلب العلم ، وما عُرِفَ عنهم من الحرص على النّبوغ والتفوّق ، ومن خلال هذا النّقاش مع فضيلة الأستاذ – الذي هو أعْرَفُ منّي وأكثر اطّلاعًا على الملابسات والخبايا – كان يقول ويُعيد أنّ المشكل ليس علميّا ، ولم يكن في يومٍ من الأيّام بسبب تهاون الأساتذة في واجبهم التعليمي ، أو صعوبة المنهاج الدّراسي ، وإنّما المشكلُ أخلاقيّ بالدّرجة الأولى " c'est un problème de discipline " .. لقد تداعت الأخلاق بشكلٍ مخيف – يقول الأستاذ الفاضل – وتهلهلت منظومة القيم التي كانت تزخر بها مؤسّساتنا التربويّة ، وتلاشى ذلك التقدير والتوقير للأستاذ والمربّي ، وأصبح الطّالب " صحيح الوجه " جريئًا على معلّميه ، وأضحت نصائحنا وتوجيهاتنا وأوامرنا أضحوكةً للطّلبة يتندّرون ويتسلّون بها.. بل وأصبحت تُعَدُّ مضيعةً للوقت في نظر الكثيرين منهم .. لقد كنّا نجد عناءً كبيرًا في معاقبة الطّالب أحيانًا بإجلاسه مع زميلته الطالبة – وكان ذلك يُعَدُّ عقوبةً قاسيةً في حقّ الإثنين في وقتٍ مضى – أمّا الآن فتجدُ الطّالبة هي التي تُلِحُّ على الطالب أن يجلس بقربها وقد يمضيان الحصّة برُمَّتِها بين قهقهة وكلام فارغ.

.. ( يكمل الأستاذ كلامه) لقد عقدت الإدارة اجتماعات كثيرة وملتقياتٍ عديدة مع الأساتذة والأولياء ، وقد أعلنتُها صراحةً في واحدةٍ من تلك المناسبات ، وقلتُ للحضور بأنّ الأمر خطيرٌ ويحتاج إلى حلولٍ استعجاليّة يشترك فيها الجميع ، لكن لا أحد ناقشني أو عقّب على كلامي أو فكّر في تبنّي الموضوع .. وصراحةً كنتُ من الذين تنبّؤوا بهذه النتيجة الكارثية على المستوى العلميّ .. أمّا على المستوى الأخلاقيّ فسترى في قابل الأيّام ما لا يسرّك يا أستاذ إبراهيم ، ولولا أن أثقل عليك وأزيد من غمّك وهمّك لرَوَيتُ لك ما تشيب له الوِلدان مّما يحدث في بعض مؤسّساتنا " التربويّة " ...

كان هذا رأي الأستاذ الفاضل وكلامه فيما يخصّ منطقة أولاد سيدي إبراهيم التي يمارس عمله في ربوعها ، وأنا معه في جلّ ما ذهب إليه ، وفي رأيي أنّ الأمر عامّ ولا يخصّ منطقتنا فحسب – وإن كنتُ أرى أنّ الأسلوب التلقينيّ والتّعليميّ يحتاج إلى وقفة ومراجعة وتحسين وتحيين – وأنّ الأساتذة مطالبون ببذل المزيد من الجهد الصّادق في هذا الإتّجاه ، لكنّ غياب دور الأولياء ودور نُخبة المجتمع ودور مؤسّسات الدّولة المعنية شارك ولا يزال يشارك كلّ يومٍ في النّكسة الأخلاقيّة ، التي توشك أن تدمّر كلّ شيء ومن بين أماراتها ما يحدث من التهاوي الأخلاقي والقِيَمِي لدى الشباب والشّابات ، فهل تتفطّن كلّ تلك الجهات إلى هذا الخطر المُحدِق ، ويعمل الجميع على تدارك الوضع وتصليحه قبل فوات الأوان ؟!

المطلوب : مناقشتكم و آراؤكم حول هذا الموضوع ...


     

معك حق أستاذ إبراهيم فالكارثة أخلاقية ويجب تداركها قبل فوات الأوان ولابد من حلول جذرية لفوضى الأخلاق التي تعم المجتمع بصفة عامة وقطاع التربية بجميع مستوياته بصفة خاصة والسبب في ذلك ليس التلاميذ والطلبة فقط
من خلال تجربتي المتواضعة في سلك التعليم أسرد لكم بعض الحقائق التي عايشتها وجعلتني أصاب بالذهول وأعلن إنسحابي وإستقالتي من منصبي كأستاذة حتى قبل تعييني بصفة رسمية
كانت تجربتي مع الأطوار الثلاثة يعني إبتدائي متوسط وثانوي عن طريق الإستخلاف طبعا
أول كارثة : عند تقديم الملف سألني المدير بالحرف الواحد هل لديك شخص ما في العائلة ذو نفوذ أو رتبة عسكرية ليتوسط لك في مديرية التربية
غريب ماذا عن شهادة الليسانس هل تغير القانون وأصبحنا نعين في قطاع التعليم بالرتب العسكرية
لم أستغرب من السؤال فالوساطة مطلوبة عندنا في كل مكان ولكن إستغربت إن يكون مدير المؤسسة وقدوة التلاميذ هو من يطرح هذا السؤال
الكارثة الثانية: أن يطلب منك مدير آخر وفي مؤسسة أخرى إحضار أسئلة الإمتحان قبل موعد الإمتحان بأسبوع على الأقل والمصيبة أن للمدير أبناء يدرسون
في نفس المؤسسة .....ويوم الإمتحان تسمع إبن المدير يملي معك الأسئلة وكأنه هو من وضعها ...حلل وناقش نعم الأخلاق والله
كارثة ثالثة. أن تدخل للقسم لإلقاء الدرس فتشم رائحة غريبة وكريهة لتكتشف في الأخير أن هناك مجموعة من الطلبة في الأخير يدخنون حشيش ومخدرات
ويهددون الأستاذ بالأسلحة البيضاء
وما خفي أعظم
الحل في رأيي يبدأ من الأسرة والوالدين والتربية السليمة للأولاد...... من زرع حصد

شكرًا للأخت سناء والأخت كريمة على وجهة نظرهما الجيّدة وتجاوبهما مع هذا الموضوع الحسّاس والمهمّ ، والحقيقة أنّ الأمر استعجاليّ بامتياز ، ولا يحتمل التأجيل أو التأخير ، وإلاّ فستكون النتائج مدمّرة على الجميع ، والكلّ مسؤول من الأسرة إلى المدرسة إلى المسجد إلى الشارع إلى مؤسسات الدّولة إلى الجمعيات ونخبة المجتمع المدني ، والأمر يحتاج إلى جهد منظّم ومدروس ويستدعي فهم هذه الأطراف لعمق المشكل وحقيقته ومآلاته على مستقبل المجتمع والوطن ..