في العصور الوسطى ، حاول الفلاسفة و العلماء تحويل المواد المختلفة إلى ذهب بواسطة عملية تدعى الخيمياء (alchemy) ،و رغم أن محاولاتهم كلها باءت بالفشل إلا أن الخيمياء مهدت الطريق لظهور علم الكيمياء الحديث و قد ساعدت الكيمياء البشر في التعرف أكثر على العالم الذي يحيط بهم بما في ذلك حقيقة أن كل المواد في هذا الكون مكونة من عناصر صغيرة جدا تدعى الذرات (atoms) و طريقة إنتظام الذرات مع بعضها البعض هي التي تحدد الخصائص المختلفة للمادة .

تكنولوجيا النانو (Nanotechnology) هو علم متعدد التخصصات و مهمته الأساسية هي التلاعب بالمادة في المستويات فائقة الصغر (على مستوى الذرة) و لفعل ذلك يجب على العلماء أن يعملوا على المقياس المجهري (على مستوى النانومتر) و هو مقياس صغير جدا لدرجة أنه لا يمكن ملاحظته بواسطة المجهر الضوئي ، و لتوصيف الأمر يجب أن تعلم أن 1 نانومتر يساوي جزأ من مليون جزأ من المتر ، و رغم ذلك فمن الصعب جدا تحديد حجم الذرة لأنها مختلفة عن بعضها البعض و لكن بشكل عام يقدر قطر الذرة النموذجي بعشر (1/10)  نانومتر .

على هذا المستوى من الصغر ، نستطيع التلاعب بالذرات و الجزيئات و إنتاج مواد أخرى و لكن لن نستطيع أبدا تحويل المواد الأخرى إلى ذهب (على الأقل حتى الأن) و ذلك لأن الذهب هو عنصر قاعدي و لا يمكن تفكيكه إلى عناصر أبسط .

كما قلنا يمكننا أن ننشأ مواد بخصائص رائعة و مذهلة مثل أنابيب الكربون فائقة الصغر  (carbon nanotubes) ، لصنع هذا النوع من الكريون يبدأ العلماء بصفيحة من جزئيات الغرافيت graphite ثم يقومون بلفها في أنبوب (مجهري طبعا) ، يحدد توجه الجزئيات داخل الأنبوب طبيعة و خصائص أنابيب الكربون . إن توجيه الجزيئات في إتجاه محدد سيجعل من الأنابيب الكربونية أقوى بمئات المرات من الفولاذ و لكن وزنه أخف بكثير (1/6 من وزن الفولاذ) .

ماتطرقنا إليه لحد الأن ما هو إلا واحد من أوجه تكنولوجيا النانو (من الأن فصاعدا سنستعمل مصطلح التكنولوجيا النانوية لتبسيط الأشياء) ، الوجه اللأخر هو أن الخصائص المختلفة للمادة في المستوى العياني (في المستوى الذي نستطيع فيه رؤية المادة) تختلف عن خصائصها في المستوى الذري حيث إكتشف باحثون من قسم الطاقة الأمريكي في سنة 2005 بأن الذهب في المستوى الذري يلمع بطريقة مختلفة عن اللمعان الذي نعرفه عن الذهب في حالته الصلبة العادية كما لاحظ العلماء أيضا أن الخصائص الكهرومغناطيسية و الحرارية مختلفة كذلك بين المستويين .

ستكون متفاجئا حقا عندما تعلم إلى أي حد أصبحت تكنولوجيا النانو مستعملة في جميع مناحي الحياة و ستقدم لك هذه القائمة أمثلة عن إستعمالات هذه التكنولوجيا :

تستعمل التكنولوجيا النانوية في الطب لعلاج السرطان و الأمراض الطفيلية و تصنع بعض الأدوية على شكل عناصر مجهرية (بمقياس النانومتر) و ذلك لأنها تكون أسهل للإمتصاص من طرف الجسم بسبب حجمها الصغير .

هذه العناصر المجهرية المضادة للجراثيم تستعمل أيضا في بعض أجهزة المستشفيات و تستخدم الجسيمات النانوية المغناطيسية لتشخيص الحالات و تجنب مخاطر الجراحة و تجرى حاليا عدة بحوث حول دور التكنولوجيا النانوية في هندسة الأنسجة و إستبدال أعضاء الجسم.

في الصناعات الغذائية تتدخل تكنولوجيا النانو في تصنيع المكملات الغذائية بشكل كبير حيث تدعي الشركات المصنعة أن حجم العناصر النانوية يجعلها أكثر قابلية للإمتصاص ، و توجد في الولايات المتحدة الأمريكية شركة قامت بتصنيع مشروب شوكولاتة بتكنولوجيا النانو و و يقول المسؤولون عن الشركة أنهم تمكنوا بإستخدام الكنولوجيا النانوية من تحسين النكهة دون الحاجة إلى إضافة كمية كبيرة من السكر .

و تستعمل الكنولوجيا النانوية في الحاويات و مواد التغليف الغذائية بسبب خصائصها المضادة للبكتيريا.

تساعد أنابيب الكربون فائقة الصغر في تقوية المعدات الرياضية مثل مضارب التنس مثلا و غيرها من الرياضات الأخرى  ففي رياضة الغولف تم تطوير كراة الغولف بتقنيات النانو لتحسين مسار تحركها و في رياضة الدراجات الهوائية صممت هياكل الدراجات بتقنيات النانو بحيث أصبحت أقوى و أخف و في السباحة قام المهندسون بتصميم ملابس سباحة تحاكي جلد القرش و تسمح بمرونة و إنسيابية كبيرة في الماء .

تقوم الكثير من شركات الهواتف النقالة و الحواسيب بإستعمال التكنولوجيا النانوية و من بين الإستعمالات هي تغليف لوحة المفاتيح بعناصر الفضة النانوية لمنع إنتشار البكتيريا كما أنه يمكن تحسين شاشات التلفاز و الحاسوب بواسطة أنابيب الكربون فائقة الصغر و تقوم بعض الشركات بإستغلال خصائص التكنولوجيا النانوية لزيادة عمر البطاريات .

أما فيما يخص المنزل ، تستعمل التكنولوجيا النانوية في تصنيع نوع محسن من الخزف يقلل من إحتكاك الأرضية و تستعمل أيضا في صناعة بعض أواني المنزلية.

المصدر :1 ، 2 .

إذا أعجبك هذا الموضوع قم بمشاركته shar