مع تزايد الإهتمام البشري بالفضاء الخارجي يسعى الإنسان جاهدا لتجاوز كل المشاكل والعقبات التي تصادفه في إكتشاف و غزو هذا العالم غير الإعتيادي . و بما أن الطريقة التقليدية للوصول إلى الفضاء (و هي المركبات الفضائية التي تركب على صواريخ كبيرة و ترسل إلى الفضاء) مكلفة جدا (فالصواريخ تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود زيادة على الأضرار البيئية الكبيرة) فإن الدواء الشافي لهذه المعضلة كما قيل هو مصعد فضائي يوصلنا إلى الفضاء مباشرة من على سطح الأرض.
حلت المشكلة ، أليس كذلك ؟ لا ليس تماما . لسوء الحظ توجد عقبات كثيرة تكنولوجية و لوجيستية و حتى سياسية تجعل من تحقيق مشروع كهذا صعبا جدا حتى لا نقول مستحيلا . في هذا الموضوع ، سوف نتناول بعض المشاكل الاساسية التي تجعل من بناء مصعد فضائي مجرد حلم بعيد المنال .
يجتاج المصعد الفضائي إلى ما يقرب 35400 كم من الأسلاك و الكابلات التي تمتد من سطح الأرض إلى المدار الخارجي و عندما تشد الأسلاك سوف يقوم حامل يعمل بالليزر على نقل الحمولة الثمينة إلى الفضاء .
تبدو فكرة عبقرية ، و لكن كما أشار العديد من العلماء ، توجد بعض الأمور التي يجب أن تؤخذ في الحسبان :
لا توجد أية مادة بالقوة اللازمة :
لا توجد مادة بمواصفات مناسبة لبناء المصعد.إنها العقبة الكبرى في بناء المشروع ، و يمكن أن نكتفي فقط بهذه المشكلة ( ولكن هناك مشاكل أخرى في الإنتظار ) .
لا توجد حاليا ( أو لم تكتشف بعد ) مادة ذات قوة شد عالية و كثافة منخفضة يمكن من خلالها صنع الكابلات ، و لا يوجد أي مؤشر في القريب العاجل يدل على قرب إكتشاف أو صنع مادة بهذه الخصائص ، و قد أدى إكتشاف أنابيب الكربون النانوميرترية (carbon nanotubes) إلى بعث شعاع من الأمل لفكرة المصعد الفضائي فكثافته تزيد عن كثافة الماء ب 30 بالمئة فقط و تبلغ قوته 32 مرة قوة الفولاذ ولكن المشكلة تكمن في أن هذه المادة مجهرية فكيف تستطيع أن تبني كابلا بطول 100 ألف كم من مادة مجهرية ؟ لسوء الحظ لا أحد يعلم أو ليس بعد .
و كمحصلة ، فيإنتظار أن يتم حل مشكلة المادة المناسبة لصنع الكابلات يبقى المشروع معلقا إلى إشعار أخر .
الإهتزازات الخطيرة :
إحدى العقبات التي تواجه المشروع هي الإهتزازات .ستؤدي الجاذبية المطبقة من طرف الشمس و القمر بالإضافة الى هبوب رياح شمسية إلى تحريك و هز الكابلات بشكل عنيف ، إن هذه العوامل غير المتوقعة بإمكانها أن تجرف الحبال و معها المصعد إلى مسار الأقمار الصناعية أو الحطام الفضائي . و لحل هذه المشكلة يجب تركيب دافعات لموازنة أية حركة في حبال المصعد ، ولكن هذه الدافعات أيضا بإمكانها التسبب في مشكلة أخرى كما يقول أحد العلماء :
إذا تبين حاجة المصعد لتركيب دافعات موازنة فإن هذا الأمر سييبب عقبة أخرى في بناء هذا المصعد فأنا متأكد أن وجود مثل هذه الدافعات المعلقة على الحبال سيؤدي إلى مشلكة كبيرة من حيث الصيانة و إعادة التزود بالوقود و جعل المصعد قابلا للعمل رغم وجود الدافعات في المسار .
و لا ننسى ايضا مشكلة الرنين ، فالحبل يملك ترددا رنينيا طبيعيا فإذا حدث و تم توليده ( من طرف متسلقي المصعد مثلا ) فستنتج طاقة كبيرة تتجاوز الحد المسموح به . و للحد من ذلك يجب تركيب نظام خاص بالكبح و التلطيف مما يضيف إلى المشروع أعباءا أخرى
التمايل الذي يحدثه متسلقو المصعد :
إن المتسلقين ( مستخدمي المصعد ) قد يتسببون في مشكلة أخرى و هي التمايل الكبير الذي سيجعل المصعد يترنح في إتجاه معاكس لدوران الأرض ، و هذا الأمر (حسب أقوال العلماء) قد يسحب المصعد بعيدا عن موضعه الأصلي العمودي ويجعله يترنح مثل النواس . و كنتيجة لذلك فإن أي إنحراف صغير قد يؤدي إلى تمايل كبير يجعل من ضبط مسار المصعد أمرا صعبا جدا .
الأقمار الصناعية و النفايات الفضائية :
حتى و إن تم التعامل مع كل المشاكل التي سبق ذكرها ، سوف يتبقى هناك مشكل أخر يحتاج لحل و هو مشكلة الأقمار الصناعية و النفايات الفضائية المبعثرة في الفضاء ، و لحل هذه المشكلة يجب أن يعاد برمجة مدار جميع الأقمار الصناعية حتى لا تصطدم بالمصعد و هذ ا أمر سهل نسبيا و لكن المشكلة تكمن في النفايات التي يجب نزعها من المدار و التي تقدر ب 6 ألاف طن من النفايات .
الأخطار البشرية :
هناك بعض المشاكل غير المتعلقة بالتكنولوجيا ، ومن بينها مشكلة تعرض المصعد لهجوم تخريبي يكون عواقبه وخيمة من حيث التكلفة المادية و البشرية ما يتطلب انظمة أمان وحماية كبيرين خارج و داخل المصعد .
عقبات أخرى :
- النيازك والجسيمات النيزكية الدقيقة.
- الإشعاع و التأين الناتج عن ذلك .
المصدر