قامت
الثورة الجزائرية المسلحة في سنة
1954 في عهد الجمهورية الفرنسية الرابعة والتي تميزت سياستها تجاه حركات التحرر بالغطرسة والمغالبة والعناد وجنون العظمة ،جاهلة أو متجاهلة المستخدمات الكبيرة التي حفل بها العالم الجديد بفعل الحرب العالمية الثانية وتدهور مكانة فرنسا الدولية وقواتها وتهمشاتها وتقربها من حلفائها ،الذين أبعدوها في مؤتمر يالطا (4-11-45) كما كانت مدينة في تحريرها من بطش النازية للجيش لأمريكي والبريطاني بقيادة الجينيرال (دوانت إزنهاور) الأمريكي حتى سميت فرنسا الدولة النصف المنتصر في الحرب وأن الثورة الجزائرية في الأول من نوفمبر 1954 لم تتغير طبيعة السياسة الاستعمارية الفرنسية والتي ظلت رهينة الأساطير والأوهام والأطماع ووصلت قواتها العسكرية بالجزائر إلى 400 ألف جندي سنة 1956م. و لقد توالت النكسات الاستعمارية الفرنسية عسكريا وسياسيا وتعاقبت الأزمات والانقسامات الداخلية بفرنسا وتأكدت محدودية سياسة القوة العسكرية بقمع الثورة الجزائرية وظهرت أصوات تنادي بالتعقل والحكمة والتفاوض مع جبهة التحرير الوطني واختيار الحل السلمي حفاظا على المصالح الفرنسية بالجزائر والتخلي على الأساطير والأطماع الجنونية التي تجاوزها الزمن ومنطق العصر وتصاعد حركات التحرر ضد الاستعمار في كل مكان. دامت الثورة التحررية سبع سنوات ونصف استعمال الاستعمار خلالها مختلف الأساليب الجهنمية ضد الجزائريين, من تشريد وحصار وتعذيب وتقتيل للقضاء على الثورة ،غير أن صمود الجزائريين ومأقدموه من التضحيات الجسام أفشل جميع خطط الاستعمار وأحيرته على التفاوض والاعتراف بالاستقلال ،فانتصر الشعب الجزائري
كيف كان هذا الانتصار.
1- فشل الحل العسكري للفرنسيين.
ما إن تسلم الجينيرال" ديغول "لأول مرة في جوان 1958م كرئيس حكومة حتى جاهر الاستعمار لابنوياه العدوانية ضد الثورة الجزائرية مبينا أطروحة المعمرين وأسطورة الجزائر الفرنسية ومراهنته من جديد كمن سبقوه ،ومارس سياسة الإصلاح السياسي واللاقتصادي رغم ذلك فلم تكن سياسته سياسة حرة وتحررية وواقعية ’بل ظل مدة عامين رهبن أطروحات المعمرين الحالمين بجزائر فرنسية بمنطق القوة وحده وراهن لحين على هذه القوة العسكرية الكبير وأمام تهدد مكانه ومصير ومصالح فرنسا أكثر وباستمرار الحرب الجزائرية الطويلة والفاشلة والمكلفة عن مختلف الأصعدة
2- سير المفاوضات ومراحلها (1956-1962).
رغم استعمال فرنسا جميع الوسائل لإخماد الثورة إلاأنها لم تتمكن من ذلك ،بل رضخت للتفاوض. يمكن تقسيم المفاوضات إلى نوعين
أ- مفاوضات سرية أولية لجس النابض وكانت كالتالي
- لقاء الجزائر أفريل 1956 - لقاء القاهرة بين محمد نيفر وقروس - لقاء بلغراد (عاصمة يوغسلافية يوم 21/07/56) - لقاء روما 1سبتمبر 1956 بين أحمد يزيد ومحمد جعفر غبد الرحمان كيوان مع بياركومين. و هذه اللقاءات كلها عبارة عن مناورات من طرف فرنسا لمعرفة الثورة وقرارتها
ب-مفاوضات فعلية في الجمهورية الفرنسية الخامسة
بدأت سنة 1960م جرت محادثات في مولان بين محمد بين يحي وأحمدبومنجل وممثلي الحكومة الفرنسية وقد فشل اللقاء لتمسك فرنسا بالحل العسكري فكان مجرد جرس للنبض 20فيفري 1961مجرت المحادثات في لوساون بين الطيب بوقرون ،أحمد بو منجل وحرنا بومبيدو ،إلانها فشلت بسب رغبة في فضل الصحراء وبجرأة الجزائر عرفيا........ - 20مايو - 13 يونيو 1961م جرت محادثات بمدينة إيفيان الفرنسية (سميت محادثات ايفيان الأولى) بين كريم بلقاسم ومحمد الصديق بن يحي وأحمد فرسين وغيرهم من أعضاء الوفد الجزائري وبين لوس جركس من الجانب الفرنسي حيث إعترفت خلالها فرنسا بأن السياسة الخارجية من صلاحيات الدولة الجزائرية لكنها بقيت متمسكة بالصحراء في حين أصر الوفد الجزائري على التمسك بالوحدة التراثية للجزائر. - أكتوبر –نوفمبر 1961 جرت عدة محادثات بال الأول وبال الثاني بسويسرا بين محمد بن يحي ورضا ملك وقد إعترضت هذه المحادثات صعوبات عديدة منها قضية الضمانات والمرافق العسكرية ،استغلال الثورات الصحراوية ووقف إطلاق النار...إلخ
3-أعضاء الوفد الجزائري المفاوض
و قد حاولت فرنسا المراوغة بإتخاذها عدة أساليب منها
أ- تطبيق فكرة الطاولة المستديرة
ب- إنشاء القوة التالية المكتوبة من الحركة والعملاء المتواطنين مع الاستعمار بغية اقتتال وعرقلة مسيريها
ج- التعاطي عن بساط المنظمة الإرهابية والتي ظهرت في شهلر فيفري 1960 وسميت بمنطقة الجنس السري، حيث قامت باغتيال المناضلين نسق المتلفات بالمفجرات محاولة منها عرقلة المفاوضات وإفشال الاتفاقيات بين الحكومة المؤقتة والدولة الفرنسية فهذه المناورات وغيرها دفعت الشعب الجزائري إلى تأكيد تعلقه بجبهة جيش التحرير الوطني فإندلعت العديد من المظاهرات على النحو التالى . - مظاهرات 11ديسمبر1960 - مظاهرات 5جويلية 1961 - مظاهرات 1نوفمبر 1961 مظاهرات 17أكتوبر 1961 - 3.مفاوضات إيفيان الثانية. استؤنفت المحادثات من جديد بصفة رسمية يوم 7مارس 1962 بإيفيان بعد سلسلة من المحادثات الحاسمة نفت إتفاقيات إيفيان على الاعتراف الفرنسي ب:
- سيادة الشعب الجزائري
- الوحدة الترابية للجزائر
- وحدة الأمة الجزائرية
- جبهة التحرير الوطني كممثل وحيد وشرعي للشعب الجزائري.
و هذا إلى جانب التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية، المالية ،الثقافية ،و الفنية ،و إلى جانب القضايا الفرنسية المعتمدة في الجزائر حقوق الكنيسة....إلخ. و بذلك حققت الهدف جدده بيان أول نوفمبر 1954 وهذا الهدف الذي ازداد تفصيلا ووضوحا خلال القتال وهي.
1) الاعتراف بوحدة الشعب الجزائري. 2) استقلال الجزائر وسيادتها. 3) الافراج على الأسرى والمعتقلين 4) الاعتراف بجبهة التحرير الوطني لجعلها الممثل الوحيد للشعب الجزائري.
طاولة مفاوضات ايفيان الثانية
4. توقيف القتال والاستقلال 1962.
بمقتضى اتفاقية ايفيان تم توقيف إطلاق النار كليا على جميع التراب الجزائري يوم 19 مارس 1962 وتمخض عن وقف القتال ردود فعل إجرامية إرهابية قامت بها منطقة الجيش السري الفرنسية. و لقد خاض الشعب الجزائري تحت لواء جبهة التحرير الوطني كفاحا مريرا لاسترجاع استقلاله وحريته، وكان له ذلك بعد أن قدم الثمن غاليا يتمثل في قوافل من الشهداء مليون ونصف مليون شهيد ومئات الآلاف من الأرامل واليتامى ومئات الآلاف من المعتقلين والسجناء، إلى جانب تدمير آلاف القرى وتخريب ممتلكات الجزائريين ،مما جعل الثورة التحررية تصدر طليعة الثورات ضد الاستعمار في العالم.
الشعب الجزائري ينتصر
و لقد ضحى رجال ونساء وأطفال وشيوخ بأرواحهم من أجل استرجاع الجزائر حريتها وسيادتها واستقلالها فبفضل التضحيات التي قدمها هؤلاء الأبطال استرجعت الجزائر حريتها المغتصبة وتوجد مقابر الشهداء عبر كل قرى ومدن الوطن وتخليد الشعب الجزائري شهداء الثورة التحررية بتخصيص يوم للشهيد.
الشهيد مصطفى بن بولعيد.
|
|