الرصاص أصاب أيضاً جدران ومئذنة مسجده التاريخي
ضريح خالد بن الوليد يهتز بقذيفة سقطت قربه في حمص
لندن - كمال قبيسي
اهتز ضريح الصحابي الشهير، خالد بن الوليد، ليل أمس الاثنين
بزخات عنيفة من الرصاص وبقذيفة أطلقها الجيش السوري وسقطت قرب الضريح
الواقع عند مدخل مسجد معروف باسمه في مدينة حمص، "كما أصيبت مأذنة المسجد
وبعض جدرانه بالرصاص" وهو ما تأكدت منه "العربية.نت" من شاهد موثوق.
وأكد ما ذكره الشاهد خبر من "الهيئة العامة للثورة السورية" جاء فيه أن 3 قذائف من مدرعات الجيش والأمن أصابت مسجد خالد بن الوليد.
فيما كتبت "العربية.نت" رسالة بالبريد الإلكتروني إلى "تجمع أحرار دمشق
وريفها" سعيا إلى مزيد من المعلومات، فقالوا: "نحن نعرف فقط أخبار دمشق
وريفها ولدينا مراسلين في كل منطقة تقريبا، أما بقية المحافظات فلا يمكننا
أن نساعدك" بحسب ردهم.
ويقول الشاهد، المقيم على بعد 300 متر من مسجد خالد بن الوليد، في روايته
أنه سمع بنفسه دويّ قذيفة لا يعرف نوعها "وسقطت بجوار الجهة اليمنى من مدخل
جامع سيدنا خالد، أي حيث يقع ضريحه تماما" بحسب ما قال وهو يتحدّث لـ
"العربية.نت" عبر برنامج "سكايب" على الإنترنت، مضيفا أنه عرف بالمكان الذي
سقطت فيه من صديق كان في المسجد يصلي العشاء وأخبره من بعدها بالتفاصيل.
ونقل عن لسان الصديق أن المسجد "اهتز بالكامل من انفجار القذيفة" وأنه لمح
بنفسه حزمة من الدخان لاحت له من نافذة البيت مع بداية الليل "واستطعت
رؤيتها لأن الأضواء الموجودة في موقع المسجد ساعدتني على رؤيتها، ولم أعرف
مكان انفجار القذيفة تماما الا بعد أن أخبرني صديقي" كما قال.
وروى شاهد السماع أن زخات قوية من الرصاص تبعت انفجار القذيفة "ثم انطفأت
أضواء مسجد سيدنا خالد" وأن صديقه أخبره فيما بعد أنه أسرع بمغادرة المسجد
مع آخرين وسط الرصاص وأن "عشرات الجنود ورجال الأمن وصلوا ومعهم السلاح
الثقيل" وفق تعبيره.
لكن وكالة "سانا" للأنباء نفت عمن سمته مصدرا مسؤولا في محافظة حمص، من دون
أن تذكر اسمه، إصابة المسجد بأي عيار ناري، وقالت إن "الخبر كاذب وعار عن
الصحة تماما ويأتي في إطار حملة التضليل والتحريض الإعلامي على سوريا
لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار فيها".
وتابع الشاهد وقال إنها لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها استهداف المسجد
بالقذائف "فقبل 4 أشهر لعلع الرصاص بجواره ليلا ومرت بالقرب من مأذنته
قذائف لم تصبها أي منها" وقال إنه وسواه يخشون أن يلحق الضرر بأشهر مسجد في
حمص وبضريح صحابي أطلق عليه الرسول، صلى الله عليه وسلم، لقب "سيف الله
المسلول" لشجاعته وبراعته في القتال.
كما ذكر أنه سبق أن عثروا على 6 جثث في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي
"وكانت مدفونة في حرم المسجد منذ أكثر من شهرين ومتفسخة" وهو خبر بحثت عنه
"العربية.نت" ووجدت أن وسائل إعلام متنوعة تناولته ذلك اليوم، لكن هوية
القتلى ما زالت غير معروفة.
المسجد أثرى وأشهر ما في حمص
مسجد خالد بن الوليد
يروون ويكتبون عن مسجد خالد بن الوليد، المعتبر أشهر ما في حمص، روايات
كثيرة، والصحيح منها وتأكدت منه "العربية.نت" يعود ببنائه الحديث الى زمن
العثمانيين، وتحديدا الى عهد السلطان عبد الحميد، الذي قرر بناءه طبق
الأصل، ولكن مصغرا، عن جامع السلطان أحمد الشهير في اسطنبول، فأوكل أمره
الى مهندس اسمه علاء الدين أولسوي، فبناه مكان آخر قديم ومتصدع كان هناك.
وكتب عن المسجد المؤرخ اللبناني فيليب حتي، الشهير بأنه "مؤرخ العرب
والحضارة الإسلامية" فقال إن خالد بن الوليد "انزوى من الحياة العامة في
حمص، ومات فيها، ولقد بني مدفنه ومسجده في سنة 1908 على الطراز التركي،
وكانت زوجته قد دفنت الى جانبه" لكنه نسي على ما يبدو ضريحا آخر قربه، وهو
لعبد الرحمن، ابن خالد بن الوليد.
وتعلو المسجد الذي بناه أولسوي 9 قباب متنوعة الأحجام ومأذنتين، وجعل فيه
أروقة نحيفة مبنية بحجارة سوداء وبيضاء، ومتناوبة في صفوف أفقية على
الطريقة الهندسية السورية التقليدية، ثم تم تطوير المسجد وتوسعة موقعه
بحدائق شهيرة في حمص الآن، وتم بتطوير موقع الضريح الموجود في قاعة ملحقة
بالمسجد.
كما في موقعه لوحة محفورة عليها عبارة شهيرة قالها خالد بن الوليد وهو على
فراش الموت: "لقد شهدت مائة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر إلا وفيه
ضربة بسيف أو بسهم أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت
البعير، فلا نامت أعين الجبناء". وهي عبارة كانت ستحتوي مع السيف والسهم
والرمح على كلمة قذيفة فيما لو استمر استهداف المسجد الشهير.
الظاهر بيبرس.. أول من بناهاللوحة المكتوب عليها عبارة خالد بن الوليدوكان خالد بن الوليد، رضي الله عنه، يقيم بعيدا أقل من كيلومترين تقريباً
خارج مدينة حمص حين وفاته وهو بعمر 50 سنة في العام 21 هجرية، وهو 641
ميلادية، أي بعد 4 سنوات من عزله عن قيادة الجيش، ثم توسعت حمص مع الزمن
حتى أصبحت المقبرة التي تضم رفاته، في داخلها عند الجهة الشمالية الشرقية
تقريبا.
وهناك تأكيد على أن القبر كان خارج المدينة، ويأتي هذه المرة من رحالتنا
الشهير ابن بطوطة، فهو زار حمص قبل 600 عام ووصف آثارها، وقال: "وبخارج هذه
المدينة قبر خالد بن الوليد سيف الله ورسوله، وعليه زاوية وعلى قبره كسوة
سوداء".
ويكتبون عن مؤرخ اسمه رياض البدري قوله إن الظاهر بيبرس، وكان سلطان مصر
والشام ورابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي "أدرك ضريح خالد،
فبنى فوقه مسجداً صغيرا، وكان المسجد الحالي بقرية سيدي خالد قديما، وقام
بإصلاح قبره سنة 644 هـجرية" أي 1266 ميلادية.
في ذلك العام مر الظاهر بيبرس بحمص وزار الضريح وأمر ببناء جامع يليق بمقام
الصحابي الجليل، فبنوه من الخشب، وبقربه سجّل بيبرس توثيقا لانتصاره على
الممكلة الأرمينية، وهو ما تؤكده كتابتان بالخط النسخي حفرتا على خشبيتين
بتاريخ 664 للهجرة، أي 1286 ميلادية.
بعدها اهتم أكثر من سلطان مر بحمص بتدوين انتصاراته في جامع خالد بن
الوليد، ومنهم المملوكي صلاح الدين خليل عندما انتصر في 1292 على الصليبيين
في الساحل، ويبدو أن سلطانا جديدا يحاول هذه الأيام تسجيل انتصار له هناك
أيضا.
المصدر قناة العربية