القولون العصبي".. خللٌ وظيفي وليسَ مرضاً

انتفاخٌ مزمنٌ أعاني منه كلما تناولت طعاماً مبهّراً، وألمٌ في البطن يلازمني، وغازات!!، وعُسر هضمٍ شديد.. إذا غضبتُ لأتفه الأسباب ينتفخُ بطني بسرعة، تعبٌ وإحراجٌ يلمّان بحياتي.. جربت الكثير من

الوصفات لكن بلا فائدة.. لا أدري ما الحل؟ لقد تعبتُ كثيراً...

كانت هذه جزئية من رسالة إلكترونية أُرْسِلَتْ إلى صفحة "صحّة" بتوقيعٍ من صاحبها (علاء منصور) الذي أوضح في نهايتها أن الأطباء شخّصوا حالته على أنها "قولون عصبي"، مما حدا بـ "فلسطين" إلى الاستفاضة في شرح ماهية المرض.. أسبابه، وأعراضه، وعلاجه، ضمن التقرير التالي:

حالة مؤقّتة..
والقولون هو الجزء النهائي من الأمعاء الغليظة، وتتمثل فوائده في :حفظ ما تبقى من الطعام لفترات قد تصل إلى أيام، وفيه يمتص الماء والأملاح الأخرى، وما تبقى يكون على شكل براز يدفعه الجسم إلى خارجه أثناء عمليّة التغوّط.. تحيط به عضلات طولية ومستعرضة تنقبض لتحريك محتويات القولون إلى اتجاه المستقيم.
ولكن.. ما هو القولون العصبي؟؟ تبعاً لاختصاصيي الأمراض الباطنة، فهو حالة يتفاعل أو يتعامل فيها الجهاز الهضمي للشخص بطريقة غير طبيعية مع أنواع محددة من المأكولات أو المشروبات، أو عند تعرض الشخص لبعض الحالات النفسية.. فينتج عن ذلك أعراض كانتفاخ البطن وكثرة الغازات و آلامٍ غامضة ومتكررة و إسهال أو إمساك.

إدمان على الدواء
أما براءة التي تعاني من المشكلة ذاتها، فلا تهدأ أمعاؤها عند تناول طعام يحتوي على البقوليات أو الدهون، وتصاب بانتفاخٍ وآلام متكررة ومفاجئة في البطن، تقول :"أتعبني هذا المرض كثيراً، فلجأت إلى طبيب أمراض باطنة، الذي أوصاني بدوره بالتزام حمية خالية من الدهون والبقوليات والابتعاد نهائيا عن الطعام المقلي"، ووصف لها حبوبا تتناولها قبل الأكل.

وتضيف :"لقد أراحتني الحبوب كثيرا لكني أصبحت مدمنة عليها فلا أرتاح دون تناولها، وأصاب بالتعب بمجرد تركها".

المعاناة ذاتها يعاني منها أحمد الذي يصف القولون العصبي بأنه "عقدة حياته" ، فيقول :"إن هذا المرض لا يجعلني أهنأ بطعام سواء اشتهيته أم لا، فأضطر للاكتفاء بلقمة أو لقمتين فقط ، حتى أتفادى هذا الاضطراب المعوي المزعج".

وتضيف :"هذا المرض يسبب لي اضطرابات دائمة، وإسهالاً مؤلماً أو إمساكاً، والمشكلة الأكبر إخراج الريح أمام الأهل والأصدقاء".

اعتلالٌ وطيفيٌّ مؤقّت!!
ويعدّ القولون العصبي -وفقاً لأخصائي أمراض الباطنة محمود الشيخ علي- اعتلالاً وظيفياً مؤقّتاً ومتكرّراً للجهاز الهضمي وليس بمرضٍ عضوي، قد يظهر إما على شكل إمساك أو إسهال أو ألم مصحوب بانتفاخات، بينما قد تختلط الأمور الثلاثة عند بعض المصابين بالمرض، مستطرداً في شرح أسبابه.

وقال :"تتمثل الأسباب التي تؤدي إلى هذا الاعتلال الوظيفي المؤقت في عمل الجهاز الهضمي بالتدخين ، وشرب الكحول ، وبعض الحالات النفسية التي يكون فيها الشخص قلقا أو مكتئبا أو حزينا، أو ترجع إلى تناول بعض المأكولات التي يختلف نوعها من شخص إلى آخر ، ومنها :الفلافل؛ الشطة الحارة الخضروات غير المطبوخة كالخيار أو الفجل والفول و العدس وشرب القهوة ".

وتتمثل أعراض وعلامات حالة القولون العصبي –وفقا له– بألم في البطن متكرر ومفاجئ ، مصحوب بالرغبة في التغوط الذي يغادر الألم صاحبه بعده عادةً، أو تغير في حالة التغوط الطبيعي إما بإسهال أو إمساك، أو ظهور غازات عبر الفم والشرج، أو انتفاخ بالبطن و تقلصات ، إلى جانب عدم الارتياح أثناء التغوط والإحساس بعدم التغوط الكامل.

ليس مرضاً عضوياً
وأشار إلى أنه في حالة الإصابة بالقولون العصبي، فإن حركة عضلات الجهاز الهضمي وخاصة التي تحيط بالقولون (الأمعاء الغليظة) تكون غير طبيعية بل عشوائية وسريعة جدا وعندها يكون البراز مائياً مثل الإسهال وذلك لأن الطعام لم يأخذ وقته الكافي في الأمعاء الغليظة حتى يتم امتصاص الماء منه ، وقد تكون حركة العضلات بطيئة جدا فيحدث عندها الإمساك إذ يكون الطعام قد اخذ وقتا طويلا في القولون مما جعل امتصاص الماء كثيرا فيصبح البراز صلبا ولا يخرج إلا بصعوبة أثناء التغوط.

وأكد أن مرض القولون العصبي ليس مرضا عضويا ، وإنما مرض وظيفي، لا يمكن تشخيصه إلا بعد إجراء فحوصات شاملة تنفي الإصابة بأمراض عضوية أخرى، لافتا إلى أن أعراض القولون العصبي قد تتشابه مع أمراض أخرى مثل "التهابات القولون " و"سرطان القولون ".

طبيعة الحياة .. عامل مهم
ونوه الشيخ علي إلى أن مواطني الدول المتقدمة يصابون بالمرض أكثر من مواطني دول العالم الثالث ، لأسباب نفسية واجتماعية تتعلق بحياتهم ، مبينا عدم وجود أساس عضوي لهذا المرض ، حيث لا يوجد شيء يختلف في تركيبة قولون الشخص المصاب عن قولون الشخص العادي ، قائلا :"حتى الآن السبب الرئيسي لهذا المرض غير معروف ، وغير معروف لماذا يصيب أناسا دون الآخرين ".
وزاد :"الأشخاص الذين يعيشون في حياة فيها عصبية زائدة ، وضغط نفسي زائد ، ويكونون في نهاية فترة الشباب ، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض ، كما أن هناك عوامل نفسية وأخرى وراثية وثالثة متعلقة بطبيعة الأكل تسهم في زيادة احتمالية الإصابة بالمرض ".

أنت طبيب نفسك
وعن علاقة طبيعة الأكل بالمرض ، قال الشيخ علي:" الأكل له علاقة، لكن الأكلات التي تصيب شخصا ما بقولون عصبي قد لا تسبب للآخر الشيء ذاته، فالإنسان طبيب نفسه في تحديد الأكلات التي تسبب له تعبا ، فليس هناك مريضان يعانيان من الشيء ذاته ".

وأشار إلى عدم وجود علاج ناجع للمرض، شارحا بالقول :"علاجه صعب، ويتطلب تدخل أكثر من طرف، تتمثل في مريض متعاون يبتعد عما يسبب له التعب من طعام وسهر والطبيب، وأخصائي نفسي ".

وتابع :"العلاج له شقان: الأول: التزام المريض بالنصائح العامة التي تعطى له بخصوص طعامه وشرابه وطريقة حياته ونومه ، ثم تناول أدوية حسب الأعراض "سواء كانت إسهال أو إمساكاً ، أو ألماً "بجانب أدوية مهدئة للقولون، ومعالجة للاكتئاب .

ونوه إلى أن "القولون العصبي " أحد الأمراض الناتجة عن معاناة نفسية من قلق واكتئاب وتظهر في شكل أعراض عضوية، يتم التعايش معه بتعاطي بعض الأدوية المهدئة ، مبينا أن ما يميز هذا المرض هو عدم إمكانية تحوله إلى أي مرض عضوي آخر، وقد يزول بتقدم العمر.

القولون العصبي".. خللٌ وظيفي وليسَ مرضاً

القولون العصبي".. خللٌ وظيفي وليسَ مرضاً

المواضـــــــيع المشابــــــهه