عائد من القمر يتكلم..
تشارلي ديوك أحد رواد الفضاء الإثنى عشر الذين ساروا على سطح القمر,والبالغ من العمر الآن 69 عاماً.كان متدربا مبتدئا عندما اجتاز نيل أرمسترونج خطواته الأولى على سطح القمر وغدا ضمن الملاحين البدلاء في رحلة أبوللو 13 شبه الكارثيه,كما أنه سار على سطح القمر بنفسه في أبريل 1972 مع جون يانج في فوج أبوللو16 ,لذلك فإن لديه ما يرويه.
* كيف كان شعورك أول مرة عندما علمت أنك ستذهب للقمر؟
مدهش. كنا في اجتماع الطيارين عقب رحلة أبوللو11 مباشرة – أول هبوط على سطح القمر مباشرة- تم تجميعنا في جلسة استجواب وأعلن رئيسنا أن الطاقم المساعد أو البديل لأبوللو 13 يتكون من جون يانج وجاك سويجرت وتشارلي ديوك .كنا البدلاء لطاقم أبوللو 13 .وسوف نطير في بعثة أبوللو 16 .كنت أعرف أن هناك الكثير من الاحتمالات:إذا لم يقوموا بإلغاء البرنامج ,وإذا لم أكن مثابرا,وإذا لم ألق حتفي في حادث طائرة .لذلك أوقفت ممارسة جميع التدريبات الخطرة التي كنت أشارك فيها . وبدأنا نهتم جيدا برعاية أنفسنا بدنيا, ونتناول الوجبات المناسبة.كنا نعلم أنه لا توجد لنا سوى فرصه واحدة لو فلتت منا لن نحصل على أخرى.
* ما أهمية توقيت أبوللو16؟
مهم جدا. قمنا بوضع علامه على الجانب الخلفي للقمر أدت للتغيير المدار من ستة أميال إلى ثمانية أميال, وبعد ثانيه واحدة من وضع العلامة يمكن الالتصاق بالقمر.
وبعد ذلك كانت هناك عودة للدخول . فقد تم إنشاء مركز للجاذبية حتى يمكن ولوج الغلاف الجوي ثم تثب للخلف. وإذا سمحت بحدوث هذا , ضعت في الفضاء, وعليك أن تغتنم يومك بأكمله.لأنه قد تقضي 30 يوما في العودة , وربما لا يبقى معك من الأوكسجين إلا ما يكفي لثماني ساعات فقط.
* بم تشبه الهبوط على القمر؟
كنا نقترب من موضع الهبوط الذي كان لدينا صور خاصة به. لكن مجال الصور كان لمسافة 15 متر فقط, ونموذج الهبوط الذي تدربنا عليه لم تكن به إلا ملامح أساسيه. وعندما رأينا القمر للوهلة الأولى من حوالي 1500 متر استطعنا أن نتعرف على تلك العلامات الرئيسيه ,لكن كلما اقتربنا كنا نرى تفاصيل موقع الهبوط – بعضها بالغ الوعورة- صخور كبيرة وفوهات براكين باتساع خمسة أمتار, وأنت لاتريد أن تهبط على صخرة ارتفاعها خمسة أمتار, لذلك بدأنا في المناورات, وكلما اقتربنا أثرنا عواصف غبار القمر . كنا كأننا نهبط وسط الضباب . ومن المحتمل أننا هبطنا على مسافة 200 متر من الموضع الذي حددناه سلفا. وعندما صرنا على بعد متر واحد من سطح القمر, ظهر الضوء الأزرق يقول "احتكاك " لذلك أوقفنا تشغيل المحرك وسقطنا .
تأخرت عملية هبوطنا ست ساعات , لذلك عندما لا مسنا سطح القمر أخيرا انفجرنا في حماس نقفز لأعلى وأسفل نتصافح بالأيدي,بأفضل ما نستطيع ونحن في ملابس الفضاء .
بعد فترة الراحة خرجنا للمرة الأولى . لم يتملكنا أي إحساس بالخوف ونحن ننزل على السلم وبدأنا نثب في كل اتجاه , تصور بعض الحملان تثب حول حقل في فصل الربيع , هكذا كان شعورنا.
* ما أكثر ما أثار انتباهك حول منظر القمر؟
إقفاره. الجمال المرعب . كانت السماء فاحمه السواد تشعر كأنه يمكنك أن تصل إليها وتلامسها وكانت سوداء كالحبر , بلا نجوم, والشمس تسطع في كل الأوقات . وعندما كنا هناك دائما ما كان يوجد ضوء الشمس . بين الشروق والغروب أسبوعان . أمضينا هناك 72 ساعة.
إلى الجنوب كان ثمة جبل صخري ينحدر لينتهي بواد , وعندما نظرت إلى الغرب في مواجهتنا , كان ثمة انحناء رقيق للقمر. ويمكنك النظر لأعلى إلى الفضاء المظلم.
أنا أحب الصحراء . وكانت هذه من أشد المناطق التي رأيتها تصحرا . لم تفسد أو تمس . الاعتقاد بأن أحداً لم يطأ هذا المكان قط قبل أن يعود. الانحناء الخفيف لذلك الجبل , واللون الرمادي, توهج السطح والتناقض مع ظلمة الفضاء. كان مشهدا يذهب الألباب.
* بم تشبه قيادة المركبة الفضائية؟
كان بالمركبة الكثير من المواقف المرحة. فقد حققنا – جون يانج وأنا بشكل غير رسمي- سرعة قياسية بلغت 11 ميلا في الساعة . كانت سيارة بأربع عجلات ذات قدرة كبيرة على المناورة , وقوة دفع أمامي وخلفي , وإلى اليسار واليمين ,كابح للحركة وقدرة عالية على صعود المرتفعات . وعجلاها لم تكن بإطارات تعمل بالهواء المضغوط , كانت من الأسلاك التي تنحفر في الغبار القمري . مثل أسلاك البيانو , يمكنك أن تراها من خلال الإطارات . تستطيع أن تصعد منحدرا يميل بزاوية 25 درجة . كان تدريج مؤشر العداد يصل إلى 100ميل تقريبا . لكنهم لم يسمحوا لنا إلا بخمسة أميال , لأنها لو تحطمت لا اضطررنا للعودة سيرا على الأقدام للعودة سيرا على الأقدام . ولأن جاذبية القمر تبلغ سدس جاذبية الأرض , لذلك كانت عجلة القيادة بالغة الحساسية . كنا ندور بها طوال الوقت . كان لدينا ناقل حركة عكسي . لكنهم لم يعطونا مرآة للرؤية الخلفية , لذلك لم يكن بإمكاننا رؤية ما وراءنا . وعموما كنا نستدير بها للخلف كثيرا , وعندما لا نتمكن من ذلك , ننزل أنا و جون ونرفعها لأعلى ونديرها للوراء , فهناك كنا مثل السوبرمان!
ذات مرة أدرناها بزاوية 180 درجة , فقد كان يتعذر رؤية فوهات البراكين الضحلة . وبشكل مفاجئ كنا في إحدى هذه الفوهات , وحاول جون تصحيح مسارها متجها لليسار . وبينما يقوم بذلك كنا ننزلق في فوهة البركان . لذلك أصابنا الدوار وأطلقنا صرخات مذعورة . كان الغبار يتطاير في كل مكان . لكن لا يمكن أن يصل مبلغ الإحساس به مثلما حدث ونحن نتدحرج من أعلى لأسفل . كنا نشعر بأننا مثل من يذهب للغطس في فوهة بركان , وبأننا لا محالة هالكون.
* ما تصورك عن كيفية نشوء القمر؟
أنا متدين الآن وأؤمن في قدرة الخلق بكلمة الله . والله هو خالق القمر. عندما كنت على القمر لم أكن متدينا .لكنني اليوم متدين . وعندما أنظر الآن للوراء بعقلي , أرى أن النظام الذي يسود الكون والجمال الذي يتمتع به ليسا مصادفة . </SPAN>
|
|