كن أنيقا في مظهرك.. رقيقا في تعاملك تنجح في عملك
لندن: «الشرق الأوسط»
ظهرت
في المدة الأخيرة تسمية جديدة تداولتها الصحافة والناس في الغرب، هي
«ميتروسيكشيال مان» Metrosexual man وترجمتها الحرفية هي ابن المدينة،
لكنها في المفهوم الأكثر تداولا تعني الرجل الذي يهتم بمظهره، رجل يقضي
ساعات في التسوق واختيار ازيائه، ويستمتع باختيار ديكور بيته، ولا يجد
غضاضة في التوجه إلى صالون تجميل من أجل تنظيف بشرته أو تقليم أظافره، من
دون أن تمس هذه الأمور رجولته. هو رجل عصري بكل المقاييس، تفضله المرأة
على الرجل الفحل بشواربه الطويلة وتعامله الخشن، لأنه قريب منها، ويمكن أن
يكون صديقا جيدا لها، على الأقل تستطيع أن تتحدث معه في مواضيع غير كرة
القدم أو السياسة، بل يمكن أن يكون رفيقا ممتعا لها في السوق. رجل على
شاكلة ديفيد بيكهام، الذي يرجع له الفضل الكبير في انتشار هذه الظاهرة
وتقبلها، وعلى شاكلة جورج كلوني وبراد بيت وغيرهما. بيد أن صفة
الـ«ميتروسكيشويل»، لم تعد تقتصر على الجانب الرقيق من شخصية الرجل أو
مظهره الأنيق، بل دخلت مجال العمل، وأصبحت جزءا من ثقافة المكاتب. تقول
نانسي هالبرين نائبة رئيس مجموعة «ستركلاند»، وهي منظمة تدريبية في
نيويورك تركز على تطوير المهارات الادارية، إن أماكن العمل لم تعد ترحب
بالمدير الآمر الناهي القيادي، الذي لا يريد أن يسمع وجهات النظر الأخرى،
ويعتبر قراراته قوانين لا تناقش. كما أن عهد المدير الذي يعتمد على
الأرقام والعقل فقط، متجاهلا المشاعر والجوانب الإنسانية قد ولى، وحل محله
المدير الذي يعمل ضمن فريق، ويستطيع ان يدير هذا الفريق بمهارة معتمدا على
قوة التأثير والإقناع، والمعاملة اللطيفة والتفهم لظروفهم وإمكانياتهم.
ونظرا لأهمية هذا
الجانب في العمل، فقد أدخلت العديد من الشركات برامج تدريبية بهذا الشأن،
وبدأ الموظفون يدركون أن حياتهم العاطفية وطريقة تفكيرهم، ليست بمعزل عن
الجانب العملي، خصوصا بعد أن أصبحوا مطالبين باكتساب مهارات جديدة على
رأسها «تنعيم» طريقة تعاملهم مع الآخر لتحسين قدرتهم على التواصل معه،
وخلق جوِ من التعاون كفريق أو مجموعة عوض العمل بمعزل عن باقي الزملاء.
وتوضح هالبرين التي لاحظت هذا التغيير وانتشار ظاهرة المتروسكشويل منذ
أكثر من ثلاثة اعوام، ان «تزايد اعداد النساء في اماكن العمل كان له
تأثيرا واضحا على كيفية تصرف الرجال، إضافة إلى أن الإنتاجية تتحسن عندما
يسود جو من التفاهم والتناغم في أماكن العمل».
واضافت «تغيرت طريقة
التفكير والتقييم في الآونة الأخيرة، فبعد أن كان يتم تقييم المسؤول سابقا
حسب النتائج التي يحققها، أصبح الآن تقييمه يعتمد أيضا على طريقته في
التعامل ومرونته في تسيير دفة العمل، أي أنه يحصل على 50 في المائة على
كفاءته و50 في المائة على سلوكياته». والمقصود بالسلوك هنا، حسب رأي
هالبرين، الشخصية المتروسكشويل، التي يشمل تعريفها «مواهب اتصالات أو
علاقات عامة، وكيفية ارتداء الملابس وحلاقة الشعر وطريقة الوقوف والتصرف،
وما اذا كان صاحبها يتسم بالطيبة والرقة في التعامل مع الغير، ولا ينفرد
بآرائه، علاوة على مدى قدرته على تحفيز العاملين معه بطريقة ذكية تعتمد
صيغة اللطف وليس صيغة الأمر: صفات كانت، حتى عهد قريب، ترتبط بالمرأة».
والملاحظ أن هذا المقياس الجديد هو الذي بدأ يُعتمد عند التوظيف والحصول
على ترقيات أيضا، انطلاقا من قناعة السوق بأنه عندما يبدأ المدراء ورؤساء
المؤسسات يُفكِرون بقلوبهم وعقولهم، فإنهم يحصلون على نتائج ستكون. لقد
انبهرت هالبرن المتخصصة في تطوير المهارات الادارية بالنجاح الذي حققته
الشخصية المتروسكشويلية، لدرجة انها اهتمت بكيفية تطبيق ذلك في كافة مناحي
الحياة، ونتيجة لذلك، كتبت دراسة داخلية لمجموعة ستريكلاند بعنوان «تلطيف
الذكورة»، تناقش فيها ان ما يطلق عليه حاليا«المواهب الرقيقة»، ضروري
لنجاح الرجل في المراكز القيادية.
وتوضح الامر بقولها
«احد المديرين في القطاع المالي كان معروفا بشراسته. وكان يعتقد انه لا
غبار على سلوكه لأن انتاجيته عالية، ولكن رئيسه المباشر لم يستسغ طريقته،
كما ان العاملين تحت قيادته اعتبروه شخصية عدوانية، فهو لا يستشيرهم، ولا
يتوقف ليسمع آراءهم أو أفكارهم، الأمر الذي كان يصيبهم بالإحباط، وعدم
القدرة على العطاء بشكل تلقائي، بل ودفع بعضا منهم إلى ترك العمل في
المؤسسة، أملا في مناخ أفضل. وبما ان الاحتفاظ بالعاملين أمر مهم بالنسبة
لأي شركة، فقد أرسله رؤساؤه الى هالبرن، لكي يحسن طريقته في التعامل،
ويتعلم أن الأخذ والرد مع العاملين معه جزء مهم من الوظيفة التي يتبوأها.
وتعلق هالبرن أنه «حصل على ترقيات، بعد أن كان مهددا بالفصل».
|
|