بقلم الأستاذ : إبراهيم طاهري
... منذ أوّل لقاءٍ بيننا احترمته واحترمني بشدّة ، ولمستُ فيه – إلى جانب احترافيّته في ميدان الفنّ التشكيليّ وذوقه الجماليّ الرّفيع – نُبلَ أخلاقه واحترامه الشديد لنفسه وللنّاس من حوله ، واقتناعه بما يجب أن يحمله الفنّ من رساليّة ، وما ينبغي لكلّ شابّ تجاه مجتمعه ووطنه ...
.. كان أوّل السبّاقين لاحتضان مبادرة
(ناس الخير أولاد سيدي إبراهيم) الخيريّة الشبّانيّة وتبنّيها ، وكان أحرص أعضاء تلك المجموعة على المشاركة والمتابعة والحضور .. بلا كلل ولا ملل ودون الإلتفات إلى كلّ المنغّصات والمثبّطات التي واكبت نشاطها المشتعل .. كلّ ذلك في سبيل تقديم الخدمة العامّة الطّوعيّة المجّانيّة لأبناء بلدته ، وكان بعد توقّف المجموعة آخِرَ المنسحبين ومن أكثر الآسفين على إفشال تلك التجربة المضيئة ، ومنذ ذلك الوقت وهو لا يدّخر جهدا في التفكير والسّعي في البحث عن الطرق المناسبة والمساحات المُتَاحَة لمواصلة مشواره النبيل ، فانخرط في صفوف مجموعة
(لأجلـك) التي مُنِيَت هي الأخرى بالفشل للأسف ... وكان بعد هذا دائم الإتّصال بي كما كان شديد الأسى وبالغ الإنشغال بركود الوضع العامّ للبلدة ... يسأل عن الجديد ، ويقترح المبادرات والأفكار ، ويحمل الهمّ بكلّ أثقاله .. وهو آمِلٌ دومًا في حدوث النهضة المنتظرة ...
.. ثمّ ساقته الظروف لأن يلتقي بثلّة من الشباب النّاشطين على المستوى الوطني ، فكان واحدًا من روّاد فكرة
(خاوة في كلّ مكان) ، وهي القافلة الثقافيّة – متعدّدة المواهب - التي زارت كلّ ولايات الوطن تقريبا على مرحلتين ، حاملة رسالة الأخوّة والثقافة والعمل التضامني الخيري من خلال الزيارات الخاصّة والعروض المميّزة ... وفي المرحلتين : كان
(سمير بن صالح) مثال الشابّ الملتزم المثقّف الأصيل ، فقد آلى على نفسه أن يكرِّم في كلّ مرحلة شخصّية عظيمة من شخصيّات بلدته ، فبدأ في الأولى بالشهيد البطل
(سي البشير بن صالح) وكرّمه في "منارة العلم وقلعة الزوايا – تيزي وزّو " ، وسط جمع غفير من الحضور النّوعي ورسم له بورتريه ، ثمّ ثنّى بشيخنا
العلاّمة أبي القاسم الحفناوي – المظلوم المهضوم المُفتَرَى عليه – فردّ له اعتبارًا رمزيّا ، وذلك بتكريمه في حاضرة العلم والثقافة والتاريخ – تلمسان وبحضورٍ رسميّ وإعلاميّ متميّز ... ولقد كان لي شرف التعاون مع (سمير) في عرض الشخصيّتين العظيمتين بالشكل اللائق بمقامهما وبقومهما ... والحقّ أنّ هذا العمل الذي قام به (سمير) ليس عملا هيّنًا ، وخاصّة ما يتعلّق بالشيخ الحفناوي ، فلن أبالغ إذا قلتُ أنّ (سمير) قد قام – في تَحَدٍّ شجاع – بما عجز عن القيام به مَن هُم أكبر وأقدر منه على ذلك طوال عشرات السنين ! ، ولئن كان هذا التكريم - بالعرض القصير حول شخصيّة شيخنا الحفناوي والبورتريه المرسوم له – تكريمًا رمزيّا في شكله ، فهو لعمري كبيرُ جدّا في معناه ، فهو يعكس وفاء هذا الفنان لرسالة أجداده واعتزازه بتاريخهم المشرّف وفهمه وقناعته بعدالة إنصاف رجال الجزائر الكبار ممّن جنى عليهم المؤرّخون والأهلون وغمر فضلهم طوفان الجحود والنسيان العارم ...
... كلّ الإمتنان والعرفان لك أيّها الفنان الأصيل والفارس النبيل (سمير بن صالح) .. ووالله لو أنّ القوم يقدّرون مزيّة ما قمت به لاستقبلوك استقبال الفاتحين الأبطال ...
|
|