بقلم الأستاذ: إبراهيم طاهري... إنّه لمن العجيب ومن المحزن أن يطلع علينا المرّة بعد المرّة بعض أهلنا من الذين يُفترض أن يكونوا في مقدّمة ركب الدارسين لتاريخنا ورجالنا ، وممن يتصدّرون للدفاع عن تراثهم والحفاظ على مكانتهم والإعتراف بفضلهم فيكذّبون في مواضع لا يستقيم فيها التكذيب ، وينكرون في مواقع لا يمكن فيها النكران ، ويبخسون الناس أشياءهم في تبجّح وتطاول على التاريخ الثابت والحقائق التي لا يطالها الشكّ ، ويسيرون -في عبثيّة تدعو إلى السخريّة أحيانا - ضدّ تيّار التأريخ ...
وكنموذج عن هؤلاء : أسوق لكم زعم أحدهم بأنّ قصيدة (سارو سارو) المعروفة هي ليست للشاعر سيّدي محمّد الشلالي الدّيسي !!.. وسأنقل لكم جانبا من النقاش الذي دار بيننا :
يقول : " للامانة التاريخية فقط.........كلمات القصيدة للشاعر الكبير عبد الله بن كريو (رحمه الله)
ساروا ساروا \\ من السير باروا \\ يالي غداو شور النبي \\ لاباو يرافقوا يا ربي \\ هزيت يا العالم ربي \\ ارض الحجاز جاتني كوده \\ لا مال دايرو في جيبي \\ لا لي جمال فتر عمده \\ جوفي من الحريقة يهبي \\ والصهد في نياط الكبده \\ ساروا بعدو من قربي \\ والبعد كادني في وهدة \\ من السير باروووووووووووا من السير باروا ....الخ
(مع ملاحظة أنّ هذا المعترض قد أخطأ حتى في نقل بعض كلمات القصيدة بشكلها الصحيح ، وأشكّ شخصيا في فهمه لمعاني هذه الكلمات ومعنى القصيدة بشكل عام .. لاحظوا : كلمة هزّيت وكتابتها الصحيحة هسّيت بمعنى هزلتُ وضعفتُ ، وكلمة فتّر وكتابتها الصحيحة فُطّر بمعنى قويّة وسريعة).
فرددت عليه : " راجع معلوماتك سيد أنيس ، أنت تسير ضدّ التاريخ ، القصيدة لقائلها سيدي محمد الشلالي الدّيسي وهي تنشد في أصقاع العالم الإسلامي منذ أكثر من 230 سنة ، وسأحيلك إلى رابط صفحة الشاعر التخي عبد الله بن كريو الذي يثبت نسبة القصيد لصاحبه ...
والقصيدة مكونة من 50 بيتا ونصها عندي كاملا ، يقول في خاتمتها :
محمّد الشلالي اغلامـــي \\\ وتزيدلو ظهيــر محــــــــرّر
عرشي وخاوتي وادمامي \\\ والوالديــن واللــي حاضــر
والعاشقين في تنظامــي \\\ نمساو في الجنان الأخضر
يقول بعد ذلك : " لا يوجد دليل في الرابط الذي ذكرته بان صاحب القصيدة هو الشيخ الشلالي
.....اما الابيات التي كتبتها فلا يوجد فيها ما يثبت صحة القصيدة للشاعر الذي ذكرته.....وقد كتبت انت بنفسك ما يلي (حسب الاستاذ بلال فوضيلي فان قائل هذه الكلمات هو والده سي احميدة فوضيلي رحمه الله) ....فتارة تنسبها للشاعر الشلالي وتارة تميل مع من ينسبها لشاعر اخر......فهم روحك "
فقلت : " لو جئتك بمئة دليل .. ولو جئتك بسيدي الشلالي بشحمه ولحمه فقال لك أنّه صاحب القصيدة ، فأنا أعلم أنك لن تقتنع .. ولذلك سأتوقف عن مناقشتك وأنت على كلّ حال لن تغيّر من واقع التاريخ شيئا ، فالقصيدة يعرف أغلب الشعراء والمؤرخين والمنشدين من الجزائر وغيرها ، أنّها لصاحبها المرحوم سيدي الشلالي الدّيسي.. ولو قدّر للشاعر الكبير التخي عبد الله بن كريو أن يعود إلى الحياة لتبرّأ من هذا الزور وهذا البهتان .. فاتق الله ولا تبخس الناش أشياءهم ... وزيادة على ما أتيت به من النكران والتكذيب لنسبة هذه القصيدة لصاحبها سيدي الشلالي ، فمن العبث حقّا أن تقنعنا أنّ القصيدة هي لسي عبد الله بن كريو المولود في عام 1871م والمتوفي سنة 1921م والذي كان معاصرا لسيّدي الشيخ محمّد بن عبد الرحمن الدّيسي والشيخ أبي القاسم الحفناوي وهما من حفاظ قصيدة (سارو سارو) قبل أن يولد الشاعر بن كريو بقرابة 16 سنة .. أما ما بين بن كريو وسيدي الشلالي فالمسافة الزمنية هي بقدر ما بين ما تدّعيه وما بين الحقيقة الصارخة ، فسيدي الشلالي توفّي حوالي 1771م أي قبل 100 سنة من ميلاد بن كريو ..أما ما ذكرته أنا بخصوص المرحوم سي احميدة بن الحاج بلقاسم فضيلي فالأمر يتعلّق بمقدّمة الأغنية وليس قصيدة (سارو سارو) فقد تمّ تسليم نصّها ونصّ مقدّمة الأغنية للمرحوم أحمد خليفي عام 1969م .. ".
| 
|
الثلاثاء 08 مارس 2022, 19:54
موضوع: عجيبــــــــة : نكــــــــــران !! ... 
