تقع بحيرة ألبرت فيما بين خطي العرض 1º و'20 2º شمالا في قاع الأخدود على منسوب 620 مترا فوق مستوى سطح البحر. وتبلغ مساحتها 5300 كم² فيما بين الحافتين العاليتين التي تنساب على حافة كل منهما الروافد والمسايل التي تجمع الفائض من حوضها. ويبلغ متوسط عمق البحيرة حوالي 12 مترا، ومع ذلك فإن هذا العمق يتناقص بشكل ملحوظ في أقصى الشمال وفي أقصى الجنوب، حيث يقترن بها
نيل فكتوريا من ناحية
ونهر سمليكي من ناحية أخرى .
ويمكن القول أن معلوماتنا عن بحيرة ألبرت وافية لأنها كانت من بين الأحواض التي دار البحث حول استغلالها لممارسة التخزين المستمر وتسوية الإيراد المائي من الهضبة الاستوائية على المدى الطويل . وهي على كل حال بمثابة الحوض الذي يتضمن الرصيد المائي من كل الأحباس الاستوائية التي تنساب على هضبة البحيرات النيلية باستثناء
نهر أسوا . ويسجل مقياس
بوطياباعلى ساحل بحيرة ألبرت الشرقي بيانا مستمراً من مناسيب سطح الماء في البحيرة منذ وقت طويل .
هذا بالإضافة إلى أن التفكير في تحويل البحيرة إلى حوض من أحواض التخزين قد اقتضى مزيدا من المعلومات الدقيقة، من أجل تحقيق البيانات المتعلقة بتغيرات المناسيب فيها من فصل إلى فصل آخر، ومن شهر إلى آخر، وقد أقيم لهذا الغرض مقياس في
كاسيني في سنة 1939 وآخر في
پاكواتش في سنة 1956. كما تعتمد معلوماتنا عن ألبرت على حصيلة عن عشرة محطات أساسية للرصد الجوي في حوض بحيرة ألبرت.
ويمكن الاعتماد على الجدول التالي في مجال بيان مقدار المطر السنوي على سطح البحيرة وعلى حوضها الذي تبلغ مساحته حوالي 17 ألفا من الكيلومترات المربعة.
ويبدو من هذا الجدول أن مقدار المطر السنوي المباشر على سطح البحيرة يقل في جملته عن المطر السنوي على حوض ألبرت الذي يحدق بالبحيرة بنسبة تبلغ حوالي 30%. والمفهوم أن رصيد الماء على سطح البحيرة لايتمثل في حصيلة المطر السنوي المباشر، وحجم الفائض من حوضها فقط ، بل قل أن رصيدها يتجمع أيضا من حصيلة إيراد
نيل فكتوريا الكلي، مضافا إليه إيراد
نهر سمليكي . ويكون رصيد الماء المتجمع من هذه المصادر المختلفة مساويا لعمق مائي على سطح البحيرة قدره 5440 مم في السنة. ويمكن أن نحسب نصيب كل مصدر من هذه المصادر على النحو التالي وعلى أساس تحويله من كل مصدر إلى عمق مائي على سطح البحيرة.
(أ) العمق المائي الذي يتمخض عنه المطر المباشر على سطح البحيرة في السنة 801 مم.
(ب) العمق المائي للفائض الذي يتمخض عنه حوض البحيرة ذاتها في السنة 320 مم.
(ج) العمق المائي للفائض الذي يتمخض عنه
نهر سمليكي في السنة 65 مم.
(د) العمق المائي للفائض الذي يتمخض عنه
نيل فكتوريا في السنة 3680 مم.
ويظهر من هذا التصنيف ، أن الإيراد الذي يتجمع في البحيرة كحصيلة للمطر المباشر ، أو للفائض من مجموعة الروافد النهرية ، التي تنساب إليها من حوضها ، لايكاد يزيد عن 20% من حجم الرصيد الكلي . كما يظهر أن الفائض الذي يتمخض عنه إيراد
نهر سمليكي، يمثل حوالي 12% من حجم الرصيد الكلي ، على سطح البحيرة في السنة . وهذا معناه أن إيراد
نيل فكتوريا يمثل وحده حوالي 68% من كل الرصيد السنوي، أو مايعادل أكثر من ضعف الإيراد المتجمع من كل المصادر الأخرى.
وقد يعبر ذلك من ناحية أخرى عن أهمية وخطورة إيراد
نيل فكتوريا، على اعتبار أنه كبير بشكل ملحوظ وأنه يؤثر تأثيرا ملحوظا على مناسيب سطح البحيرة، وما يطرأ عليها من تغيرات من فصل إلى فصل آخر. ونذكر في مجال الحديث عن التغيرات التي تطرأ على مناسيب سطح الماء في بحيرة ألبرت، أن مقياس بوطيابا الذي يسجلها من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر يعبر عنها تعبيرا سليما. ويمكن للباحث أن يتبين من هذه التغييرات ذبذبة في حدود 650 سم على وجه العموم . ويمكن أن نلمح هذه الذبذبة في الرسم البياني، الذي يبين نظام الدورة السنوية لمناسيب سطح الماء في البحيرة، لمتوسط الفترة التي تتضمن السنين من سنة 1912 إلى سنة 1942.
ويظهر من ذلك الرسم البياني أن أقل المناسيب يسجلها سطح الماء في البحيرة تكون عادة في شهور الربيع ، أما الزيادة في المناسيب تكون في شهور الخريف وأوائل الشتاء . ولعل من الواضح أن هذه الزيادة تتفق اتفاقا طائلا ، مع الزيادة في الإيراد المائي من كل
نيل فكتورياونهر سمليكي، فيما بين شهر يوليو وشهر ديسمبر. ولعلها تتفق من ناحية أخرى مع الزيادة الملحوظة التي يسجلها المطر السنوي أيضا على سطح البحيرة المباشر وعلى حوضها ، فيما بين شهر أغسطس وشهر ديسمبر . ونذكر بهذه المناسبة أن الفرق بين المناسيب التي تسجلها النهاية العظمى والنهاية الصغرى قد بلغ 4.25 مترا. وقد سجلت النهاية الصغرى للمناسيب في وسط بحيرة ألبرت في سنة 1922 وبلغت 8.55 م، أما النهاية العظمى لمناسيب سطح الماء في البحيرة فقد سجلت في سنة 1917 وبلغت 13.08 م. وليس ثمة شك في أن السنة الأولى التي تضمنت النهاية الصغرى ، كانت سنة من سنوات الشح ، بالنسبة للإيراد المائي في
النظام النيلي الفكتوري، على حين أن سنة 1922 ، كانت هي السنة التي تضمنت زيادة في الإيراد المائي على النحو الذي أشرنا إليه من قبل .
ولايفوتنا في مجال الحديث عن بحيرة ألبرت ونظامها المائي وقيمتها من حيث تجميع الإيراد المائي النيلي من هضبة البحيرات النيلية ، أن نشير إلى بعض من صفاتها التي دعت إلى التفكير في استغلالها كموقع مناسيب لممارسة ضرب من ضروب التخزين وتسوية الإيراد الطبيعي . ولعل أهم هذه الصفات هي التي تتمثل في انخفاض حجم الفاقد بالبخر في بحيرة ألبرت، بالنسبة إلى الفاقد بالبخر من سطح الماء في بحيرة فكتوريا ، في حالة التخزين في كل بحيرة منهما .
والمفهوم أن جوانب بحيرة ألبرت شديدة الانحدار ، وأن رفع منسوب سطح الماء في البحيرة أمام جسد السد ، لايؤدي إلى زيادة مساحة سطحها ، إلا بالقدر الطفيف الذي لايزداد معه حجم الفاقد بالبخر من بحيرة ألبرت إلى
بحر الجبل ، يبلغ 21 مليارا من الأمتار المكعبة في السنة. ويعادل هذا القدر عمقا مائيا على سطح البحيرة يساوي 2880 مم. فإذا خصم ذلك القدر من العمق المائي الرصيد الناشئ ، من موارد البحيرة والبالغ قدره 5440 مم، يكون الناتج هو 1560 مم. وهذا القدر الذي يتضمنه ذلك العمق يمثل الحجم من الماء في البحيرة الذي يصير فقدانه بالتبخر من سطحها المباشر في السنة.
ومهما يكن من أمر ، فإن حساب التصرف الخارج من بحيرة ألبرت إلى بحر الجبل ، يصور الحساب الختامي للجريان النيلي من هضبة البحيرات النيلية . وكان هذا الحساب قبل سنة 1935 يستنتج من قياس التصرفات ، عند موقع نيمولي على مسافة 227 كيلومترا من بحيرة ألبرت ، وعند منجلا على مسافة 438 كيلومترا من فم المخرج ، وعند باكواتش Packwatch قرب المخرج مباشرة . ولكنه اعتبار من سنة 1935 ، بدأ تسجيل قياس التصرفا في موقع مشروع سرور أما مصب نهر أسوا ، وقبيل اقتران هذا الرافد الكبير بالمجرى الرئيسي للنيل .
وهذا الموقع صالح تماما للقياس السليم ، لأنه يقدر التصرف من بحيرة ألبرت والأحباس النيلية في هضبة البحيرات ، دون أن يدخل في الحساب الكامل إيراد الروافد والمجاري النهرية ، التي تصرف مساحات الحوض فيما بين بحيرة ألأبرت وموقع منجلا على بحر الجبل . وليس ثمة شك في ضرورة الفصل الكامل بين التصرف الناشئ من تدفق المياه من بحيرة ألبرت ، وعلى اعتبار أنه من رصيد الماء المتجمع فيها من المصادر المختلفة من ناحية ، وتصرف الروافد والمجاري النهرية التي يمثل إيرادها فائض المطر المباشر ، على أطراف من هضبة البحيرات الشمالية ، التي يصرفها نهر أسوا والجوانب المنحدرة شمالا إلى حوض الغزال من ناحية أخرى .
ويلاحظ الباحث أن شكل بحيرة ألبرت واتساع الفتحة أو المخرج الذي تمر منه المياه في اتجاه الشمال ، تحقق القدرة الكاملة على التنظيم في تصريف المياه . ويمكن القول أن حجم التصرف من بحيرة ألبرت الذي يمثل حصيلة الإيراد النيلي من هضبة البحيرات النيلية ، يكون على ضوء ذلك أيضا أعلى من تصريف المياه من بحيرة فكتوريا . ويفهم ذلك من ناحية أخرى على اعتبار أن سعة الفتحة التي يتدفق منها الماء من بحيرة ألبرت تكون أكثر استجابة لانصراف الماء من فتحة ريبون التي تعترضها العقبات .
ونشير إلى أن التصرف من بحيرة ألبرت ، يكون في العادة أقل مايمكن في شهر إبريل من كل عام، وأن أعلى تصرف يسجل يكون في شهور نوفمبر وديسمبر ويناير. ومع ذلك فإن الفروقات بين التصرفات في كل شهر من شهور السنة لاتكون كبيرة . وقد تبدو غير واضحة تماما . وهذا في حد ذاته تعبيرا عن معنى من معاني الانتظام والتنظيم وعدم خضوع الجريان النيلي للذبذبة أو التغيير الكبير في التصرفات من شهر إلى شهر آخر .
ويمكن القول أن الذبذبة الهزيلة أو التغير الضئيل في حجم التصرفات ، وتسجيل الانخفاض في شهر إبريل ، والارتفاع الطفيف في نوفمر وديسمبر ويناير ، يكاد يتفق اتفاقا كاملا مع طبيعة الدروة السنوية لمناسيب سطح البحيرة . ويمكن متابعة الجدول التالي والرسم البياني الذي بين المتوسط الشهري للتصرفات من بحيرة ألبرت في الفترة من سنة 1912 إلى سنة 1942 بملايين المتار المكعبة في اليوم للتعرف على هذه المعاني. كما يمكن متابعة ذلك أيضا على ضوء المقارنة بين تلك المتوسطات من ناحية ، والمتوسط في سنة 1917 التي سجلت أعلى التصرفات والمتوسط في سنة 1922 التي سجلت أدنى التصرفات من ناحية أخرى .
ومهما يكن من أمر الجريان النيلي وتأثره بانتشار البحيرات واكتسابه صة الاستمرار طول العام والانتظام الرتيب ، فإنه مصدر للماء والإيراد يكون ضعيفا بالنسبة للجريان النيلي في هضبة البحيرات، والمفهوم أن هذبة البحيرات كلها ، لاتكاد تزود النهر إلا بالنسبة الضئيلة التي تبلغ في المتوسط حوالي 16% من صافي الإيراد الطبيعي السنوي للنيل . ومع ذلك فإن هذا الشح ليس مرجعه إلى أمور وعوامل معينة في الهضبة ذاتها ، ولكنه يترتب على ضياع حجم كبير من الإيراد في مرحلة تالية في مستنقعات حوض
بحر الجبل بالذات . وهذه المنطقة من غير شك منطقة من أعظم مناطق الفقدان في حوض النيل بصفة عامة .