أظهر بحث جديد أن تباطؤ ظاهرة الاحتباس الحراري قد يستمر لعشر سنوات أخرى.
ويجتهد العلماء في تفسير هذا التباطؤ الذي بدأ عام 1999، رغم زيادة معدلات ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وتظهر أحدث النظريات أن دورة بحرية تحدث في المحيط الأطلنطي كل 30 عاما قد تكون وراء هذا التباطؤ، إذ تستمر هذه الدورة في تحويل الحرارة إلى قاع البحار، وإن كانوا يحذرون من عودة درجات حرارة الأرض إلى الارتفاع بشدة عند بدء الطور الأدفأ من هذه الدورة.
وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، زاد متوسط درجات الحرارة عالميا بحوالي 0.05 درجة مئوية خلال العقد ما بين 1988 و2012، مقارنة بمعدل 0.12 في العقد ما بين عامي 1951 و2012.
ومن بين النظريات المفسرة لهذا التباطؤ هو زيادة معدلات التلوث، مثل غازات الكربون التي تعكس بعض حرارة الشمس إلى الفضاء الخارجي.
كما كان تزايد النشاط البركاني منذ عام 2000 أحد تفسيرات ظاهرة التباطؤ، بسبب تأثيره على النشاط الفضائي. وتتجه أحدث التفسيرات إلى دراسة المحيطات كأحد مناطق اختفاء الحرارة.
ويشير البحث الأخير، الذي أعده فريق في جامعة واشنطن بالولايات المتحدة، إلى توافر دليل على وجود تيار بحري مدته ثلاثين عام في المحيط الأطلنطي، يتبادل رفع وخفض درجة حرارة الأرض من خلال سحب كميات كبيرة من الحرارة إلى أعماق المحيط.
واستخدمت في هذا البحث أجهزة لاختبار المحيطات على أعماق ألفي متر.
مخاوف عصر جليدي جديد
ويقول الباحثون إن الأرض تعرضت لتباطؤ سابق بين عامي 1945 و1975، إذ سحب التيار البحري الأطلنطي الكثير من الحرارة بشكل أثار مخاوف من حدوث عصر جليدي جديد.
لكن بدءا من عام 1976، انقلبت الدورة البحرية لتعيد رفع درجة الحرارة في العالم، إذ بقيت المزيد من الحرارة على السطح. ومجددا، منذ عام 2002، عادت الحرارة إلى أعماق المحيط، ولم ترتفع درجات الحرارة عن المعدل الذي سجل عام 1998.
وتعتبر دراسة ملوحة المياه أحد عوامل فهم ظاهرة التباطؤ، فالتيارات الأطلنطية القادمة من المناطق المدارية تكون أكثر ملوحة بسبب زيادة معدلات البخر. وتغرق هذه التيارات في قلب المحيط بشكل أسرع، حاملة معها الحرارة.
إلا أن المياه المالحة تذيب المزيد من الجليد في المناطق القطبية مع مرور الوقت، بشكل يقلل من ملوحة المياه، مما يبطئ من سرعة التيارات الأطلنطية ويبقي المزيد من الحرارة على سطح المياه.
ويقول الدكتور كا-كيت تونغ، قائد الفريق البحثي: "قبل عام 2006، كانت ملوحة المياه تزيد، مما دل على زيادة سرعة التيار البحري. وبعد عام 2006، قلت نسبة ملوحة المياه لكنها لم تنخفض عن متوسط معدلاتها على المدى البعيد. وبمجرد انخفاضها عن هذا المتوسط، تبدأ المرحلة التالية من الارتفاع السريع في درجات الحرارة."
وبفحص سجلات تعود لأكثر من 350 عام عن حرارة الأرض، يرى تونغ أن دورة التدفئة والتبريد التي تستمر لـ 70 عاما حقيقية، وأن دورة التباطؤ الحالية قد تمتد لعشر سنوات مقبلة.
ويؤكد باحثون صحة الفرضية التي طرحها تونغ، ويرونها دليلا جديدا على تأثير المحيط الأطلنطي في تباطؤ الاحتباس الحراري. في حين يرى آخرون أنها فرضية جديرة بالاهتمام، لكنها تحتاج إلى المزيد من المتابعة لوقت أطول لثبوت صحتها.
ويرى تونغ أنه بغض النظر عن أسباب التباطؤ ومدته، فإن درجات حرارة الأرض في حالة صعود، ستظهر جلية عندما تنقلب دورة التيارات الأطلنطية مرة أخرى.