تزايد في معدلات استخدام المياه الجوفية بشكل يتجاوز معدلات التجدد الطبيعي لتعويض تلك المياه بحوالي 25 ضعفا"، هذا هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى زيادة نسبة الملوحة في المياه الجوفية بالإمارات العربية وخاصة في إمارة أبو ظبي، كما يوضحه محمد أحمد حسن المعيني، مدير إدارة مراقبة المياه الجوفية بالإمارة.
وبإضافة ما يقوم به بعض المواطنين من حفر للآبار دون ترخيص، وبيع للمياه الجوفية بشكل غير قانوني، تزيد المشكلة تفاقمًا، حتى إن الخبراء بهيئة البيئة بالإمارة يتوقعون أنه في حال استمرار معدلات الاستنزاف الحالية، سيفنى هذا المورد الرئيسي والمهم للمياه تمامًا، والذي يعود تكوينه إلى أكثر من عشرة آلاف عام مضى.
ووفقًا لتقديرات الهيئة لعام 2012، وفرت المياه الجوفية 62% من إجمالي الطلب السنوي على المياه في إمارة أبو ظبي؛ حيث يبلغ إجمالي آبار المياه الجوفية بالإمارة نحو 80 ألف بئر، يتم توجيه مياهها بشكل أساسي للزراعة، في حين تمثل الآبار التي تصلح للاستخدام المباشر للشرب حوالي 18% فقط.
فالغالبية العظمى من الآبار مالحة، ويبدو أن درجة الملوحة تتزايد بشكل متسارع، ففي بعض المناطق رصدت الأجهزة قياسات لدرجات ملوحة تخطت ملوحة مياه البحر.
وفي محاولة لمواجهة ما تنبئ به تلك المعطيات من أزمة في المستقبل، دشنت هيئة البيئة بأبو ظبي برنامجًا للحفاظ على المياه الجوفية؛ أملاً في استدامتها كمصدر رئيسي للمياه، أعلنت عنه ضمن فاعليات المؤتمر الدولي لنخيل التمر، الذي انعقد في المدة من 16 حتى 18 مارس الماضي.
وتحاول الهيئة عبر البرنامج مساعدة مجتمع المزارعين في الإمارة على ترشيد استخدام هذا المورد، ودفعهم للالتزام بقوانين استخراج المياه الجوفية واستخدامها.
وعن الشق القانوني للبرنامج؛ أكد المعيني أنه أصبح يتعين على مقاولي الحفر -وفقًا للقانون- الحصول على رخصة صادرة من هيئة البيئة بأبو ظبي للقيام بحفر بئر جديدة، أو تعميق بئر جوفية أو زيادة قطرها، أو زيادة مواصفات البئر أو إنتاجيتها، أو حتى للاستبدال ببئر قديمة، أو نقل المياه الجوفية وبيعها، مشيرًا إلى أن ˮمخالفة تلك الشروط والقوانين قد تؤدي إلى التعرض للغرامة أو الحبس أو كليهما".
وتشرح فوزية إبراهيم المحمود -مدير إدارة التوعية البيئية، بهيئة البيئة بإمارة أبو ظبي- لشبكة SciDev.Net: أنه ˮبالتعاون بين الهيئة وجهاز أبو ظبي للرقابة الغذائية، ومركز خدمات المزارعين بأبو ظبي، يتم توزيع معدات ري موفرة للمياه على أكثر من ستة آلاف مزرعة، في خطة تهدف إلى تخفيض مقدار الفقد في الاستهلاك والعمل على ترشيده".
وترى فوزية أن نسبة التوفير التي يمكن تحقيقها من خلال تعميم هذه الأجهزة على المزارع -وخاصة مزارع النخيل- قد تصل إلى 80% من الاستهلاك، موضحة أنه ˮكان يتم استهلاك حوالي 1500 لتر مياه لري النخلة الواحدة سنويًّا، لكن بفضل التقنية الجديدة تستهلك النخلة فقط 300 لتر، دون أن يؤثر ذلك على صحة أشجار النخيل وسلامتها، بل أدى إلى زيادة إنتاجيتها وفق دراسات أجريناها في هذا الصدد".
ويهدف برنامج الحفاظ على المياه الجوفية أيضًا لتحقيق وعي مجتمعي حول السلوك الأمثل للتعامل مع المياه الجوفية، وذلك من خلال إصدارات مبسطة تخاطب المزارعين بلغة الأرقام التي يتعاملون معها يوميا، وتوضيح مدى الاستفادة التى قد تعود عليهم فيما بعد في حال التزامهم بتطبيق معايير الترشيد وصون المياه الجوفية والآبار الموجودة.
وأنهت فوزية كلامها مؤكدة: ˮأن أساليب جذب المزارعين ستعتمد على تحفيزهم بالفوائد التي ستتحقق لهم من خلال اعتماد أساليب التنمية المستدامة في هذا الإطار".
|
|