البيئة
البيئة هي الوسط الذي يعيش فيه الكائن الحي ( ونعني هنا الإنسان ) أي كل ما يحيط بالكائن الحي
( الإنسان ) ويؤثر فيه ويتأثر به سلباً أو إيجاباً ، أي أن البيئة مفهوم واسع جداً ، وتشمل المكونات التالية :
1- البيئة المادية
· الطبيعية أو الفيزيائية مثل : الماء ( مياه البحار ، الأنهار ، والبرك والمستنقعات – مياه الشرب ، ومياه الصرف الصحي ... وغيرها ) و الهواء والطعام والأرض والفضلات والمخلفات والطقس ( الحرارة والبرودة الرياح والسحب والأمطار ) ، والظواهر والكوارث البيئية( مثل الرعد والبرق والأعاصير والسيول الحرائق الزلازل والبراكين ) والضوء والإشعاع ، الكهرباء ، والمجالات الكهرومغناطيسية ، والضوضاء وكذلك المباني ( من حيث المساحة ، التهوية الإضاءة ... وغير ذلك .
· البيئة ا لحيوية : أي الكائنات الحية من النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة .
2- البيئة المعنوية
( البيئة النفسية و الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ):
وتشمل العلاقات بين أفراد المجتمع والعادات والتقاليد والمعتقدات السائدة في والخدمات المتوفرة في المجتمع وكذلك القوانين والحالة الأمنية ، وتشمل كذلك كل ما يؤثر في الحالة النفسية للفرد بما في ذلك المشاهد والروائح .
البيئة الصحية :
هي البيئة التي تتوافق عناصرها بطريقة متوازنة بحيث يستطيع الإنسان العيش فيها والتفاعل معها واستخدامها بطريقة تضمن تحقيق المنفعة وتجنب المخاطر ، وتتلاشى أو تتضاءل فيها مصادر الخطر وتتوفر فيها وسائل الأمن والسلامة . من أمثلة مصادر الخطر: الكوارث الطبيعية ، الكهرباء ، المجاري ، الشوارع غير الممهدة ، المباني الآيلة للسقوط .... وغير ذلك .ومن أمثلة وسائل الأمن والسلامة : توفر الخدمات الطبية ( الوقائية والعلاجية وخاصة الإسعافية ) ، طفايات الحريق ، حزام الأمان ، توفر خدمات الدفاع المدني ... وغير ذلك .
علاقة البيئة بصحة الإنسان :
من المعروف أن الحالة الصحية للإنسان تتحدد بنتيجة التفاعل والتداخل بين عاملين هما الوراثة والبيئة ، فالوراثة تحدد إلى درجة كبيرة الأسس الصحية للإنسان في النواحي البد نية والعقلية والنفسية مثل الذكاء والقدرة على التكيف والاستعداد للإصابة بأمراض معينة بينما تقوم البيئة بتشكيل وصياغة الخلفيات الوراثية فهي تحدد متى وكيف تظهر الأمراض ذات الخلفيات الوراثية وإلى أي مدى تؤثر في صحة الإنسان .
ويبدأ تأثير البيئة على صحة الإنسان في مراحل مبكرة جداً حتى قبل خلقه وبداية تكونه في رحم أمه ويستمر معه حتى وفاته ، مثل العادات والأعراف الاجتماعية والخلفيات الثقافية والوعي الصحي فيما يتعلق بالزواج في سن مبكرة وزواج الأقارب وفحص ما قبل الزواج والاستشارات الوراثية ومتابعة الحمل في مراكز متخصصة ، إعطاء التطعيمات الأساسية ، عدد الأولاد وتنظيم الإنجاب والرضاعة الطبيعية وعمل الأم خارج المنزل ... وغير ذلك من العوامل البيئية التي تؤثر في الحالة الصحية للإنسان في سن مبكر ة جداً .
وكلما تقدم الإنسان في العمر كلما اتسعت دائرة تعامله ( خارج المنزل ) مع العوامل البيئية وزاد تأثره بها ،
ويمكن تصنيف التأثير الضار للخلل البيئي على صحة الإنسان إلى :
تأثير مباشر :
مثل الإسهال والنزلات المعوية والتسمم الغذائي ، أو الكيماوي والإصابة بالطفيليات والجراثيم الضارة ، الحساسية ، ضيق التنفس والاختناق أحياناً والربو الشعبي ، الصداع والتوتر ، الإرهاق والكسل وعدم القدرة على التركيز ، الخفقان ، تلف الخلايا العصبية والتشنجات ، تلف جهاز المناعة ، الفشل الكلوي وبعض الأورام السرطانية ، وبالنسبة للمرأة الحامل غالباً ما يؤدي إلى إعاقة نمو الجنين أو إجهاض أو حدوث ولادة مبكرة
( ولادة أطفال مبتسرين ) أو ولادة أطفال معاقين .
غير مباشرة :
[ أ ] دورة الملوثات في البيئة : مثال ذلك المخصبات والمبيدات الحشرية التي يمتصها النبات وتتراكم فيه لتصل إلى الإنسان من خلال تناول النبات أو أكل الحيوان الذي تغذى على هذا النبات وذلك على المدى القريب ، كما يؤثر الخلل البيئي على صحة الإنسان على المدى البعيد من خلال :
1- تصاعد بعض الغازات الضارة ( مثل غاز الميثان الذي يتولد نتيجة تعفن القمامة و مركبات الكلوروفلوروكربون الموجودة في بخاخات مزيل العرق وبعض العطور ، والمستخدمة في صناعات التبريد مثل الثلاجات وأجهزة التكييف ) يؤدي إلى حدوث تآكل بطبقة الأوزون التي تحجب أشعة الشمس الضارة مما يؤدي إلى حدوث أورام سرطانية بالجلد .
2-تصاعد بعض الغازات الضارة الأخرى (مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين مع دخان المصانع) يؤدي إلى إتلاف الأشجار وموتها مباشرة كما يتصاعد كل منهما في الجو ليكونا حمضي الكبريتيك والنيتريك مما يؤدي إلى سقوط الأمطار الحمضية التي تسبب موت الكائنات الحية النباتية والحيوانية وزيادة التصحر وزيادة الاعتماد على الأسمدة الاصطناعية .
3-تراكم بعض الغازات الضارة في الجو ( مركبات كربونية غازية ) يؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري أو البيوت الزجاجية وهي عبارة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلاتها الطبيعية .
4-تلوث المياه الجوفية .
5-تلوث مياه البحار والأنهار والبحيرات بمخلفات السفن ومياه الصرف الصحي ، مما يؤدي إلى التأثير السلبي المباشر على الكائنات البحرية وبالتالي التأثير غير المباشر على الإنسان .
6-الحوادث ، والكوارث الطبيعية .
7-الأمراض المزمنة المرتبطة بالسلوكيات اليومية لأفراد المجتمع مثل السمنة والسكري وأمراض الجهاز الدوري ..... ..وغير ذلك .
[ ب ] تشكيل سلوكيات الإنسان : ومن المعروف أن معظم الأمراض التي تصيب الإنسان إنما هي نتيجة لسلوك خاطئ يقوم به .
ومن أدلة تأثير البيئة والسلوك على صحة الإنسان :
1- الإحصائيات والدراسات الميدانية
2- اختلاف الأنماط السلوكية من مجتمع إلى آخر ، ومن زمان إلى آخر في نفس المجتمع .
3- اختلاف أولويات المشكلات الصحية من مجتمع إلى آخر ، ومن زمان إلى آخر في نفس المجتمع .
4- تغير أوليات المشكلات الصحية في بعض المجتمعات التي طبقت برامج توعوية وبيئية وأخضعتها لدراسات محكمة .
ولفهم أعمق لتأثير البيئة على السلوك الإنساني يمكن تقسيم العوامل البيئية المؤثرة على سلوكيات الإنسان إلى ثلاث مجموعات يمكن في ضوئها تفسير أي سلوك يسلكه الإنسان ، وهذه المجموعات هي :
1-العوامل المؤهلة : وهي العوامل التي توجه الفرد إلى تفضيل اختيارات معينة من الممكن أن تدعم أو تعيق سلوكاً ما ، وتشمل المعرفة والمعتقدات والاتجاهات والقيم ، وغالباً ما تكون هذه العوامل متأصلة في ثقافة الفرد وخبراته وديانته ، وتؤثر المعتقدات بالفعل في سلوكيات أفراد أي مجتمع ومن المعروف أن لكل مجتمع معتقداته الخاصة التي تشكل سلوكيات أفراده ، وعلى سبيل المثال يوجد بالقران والسنة النبوية العديد من التوجيهات المتعلقة بالممارسات والسلوكيات الحياتية اليومية ، والتي ساهمت وتساهم إلى حد كبير في تشكيل سلوكيات أفراد المجتمع المسلم ، مثل الرضاعة الطبيعية لمدة حولين كاملين والنظافة الشخصية والعامة ... وغير ذلك .
2- العوامل الممَكِنة : وهي عبارة عن المهارات والمصادر والعوائق التي من الممكن أن تسهل أو تعيق تغيير السلوك و تشمل – بالإضافة إلى التوفر الخدمات الصحية والقوانين والتنظيمات – عومل أخرى مثل المهارات المطلوبة لتغيير السلوك ، على سبيل المثال فإن مريض السكري لا يحتاج فقط إلى معرفة الغذاء المناسب له ولكن يحتاج أيضاً إلى كيف يعد طعامه وكيف يقيس مستوى السكر في الدم لديه وكيف يجهز عبوة الإنسيولين وكيف يأخذ بنفسه جرعة العلاج ... وهكذا ، وهناك مثال آخر وهو الأم المصاب طفلها بالإسهال إذ يجب عليها تعلم كيفية إعداد محلول الجفاف ( بإذابة المستحضر في كمية مناسبة من المياه ) وكيفية إعطائه لطفلها بطريقة سليمة . أما قيما يتعلق بالمصادر فإننا نقصد بها إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية وسهولة الحصول عليها . وبالنسبة للقوانين والتنظيمات فإننا نضرب مثالا لها بقانون منع التدخين في المكاتب الحكومية والذي يؤدي إلى امتناع المدخنين عن التدخين بكل جزئي أو مؤقت و أحيانا يؤدي إلى إقلاع بعضهم عن التدخين بشكل نهائي ، و مثال آخر وهو قوانين إجازة الوضع وساعات التفرغ للإرضاع بالنسبة للعاملات تؤثر إلى حد كبير في التزام الأم بالرضاعة الطبيعية .
3- العوامل المدعمِة : وهي عبارة عن العواقب التي يلاقيها الفرد من المحيطين لدى ممارسته لسلوك ما ، وهي إما أن تكون في صورة استحسان وتشجيع أو رفض وتثبيط ، على سبيل المثال لكي يواظب الأطفال على تنظيف أسنانهم بالفرشاة والمعجون لابد أن يظهر الأبوين التشجيع الكافي والاستحسان لهذا السلوك ولابد للأبوين أن يكونا قدوة لأبنائهم في الالتزام بهذا السلوك .
|
|