فقد كشف هذا الصراع حقيقة عادية كانت قد نسيت إلى حد ما، وهي أن معظم مياه الشرب في العالم مخفي تحت سطح الأرض، وليست لدينا أدنى فكرة عما يحدث له. ولكن في الوقت الذي يزداد عدد السكان في العالم، و تتفاقم أزمة تغير المناخ، فقد بات هناك شيء واحد مؤكد، وهو أننا لم يعد بإمكاننا الاعتماد على المياه لتكون حيثما نتوقع العثور عليها. فالمياه الجوفية لدينا تتبعثر في مياه المحيط، حيث يتم استهلاكها بمعدلات قياسية و تتعرض للتلوث بشكل لا يمكن علاجه، برغم أن المطالبات بشأن ما يتبقى أصبحت مثيرة للجدل على نحو متزايد. لن يمر وقت طويل قبل أن يتسبب النقص في موجة جفاف على نطاق واسع وتبدأ أول حرب على المياه. فكيف يمكننا وقف ذلك؟
تقول "نيوساينتست" إن الخطوة الأولى هي معرفة مكان الماء. فالخرائط التقليدية لم تعد كافية عندما يتم التعامل مع هدف غير مرئي ومتحرك. لكن هناك أملا. فالأدوات الفيزيائية والهندسية الجديدة والمثيرة بدأت توفر أول صور واضحة عن المياه الخفية في العالم. وقد كشفت هذه الصور بالفعل بعض الأخبار الطيبة غير المتوقعة، لكن مستقبلها الحقيقي يكمن في إمكانية وجود خريطة للعالم حول مورد أغلى من النفط.
مشكلة المياه الجوفية
وعلى الرغم من أن هذه الخرائط تضم 97% من المياه العذبة التي يمكن الوصول إليها في العالم، وفقاً لأحدث تقدير من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإننا لم نكبد أنفسنا مشقة الحصول على صورة واضحة عن المياه تحت الأرض. ويفضل معظم علماء المياه دراستها على سطح الأرض. و يقول بيتر غليك، وهو خبير في المياه يدير معهد المحيط الهادئ في أوكلاند بولاية كاليفورنيا الأميركية: "لقد عانت المياه الجوفية بالتأكيد من مشكلة البعيد عن الأنظار بعيد من العقل".
لن يفاجأ معظم الناس لدى سماع ذلك. ففي نهاية المطاف، كان من السهل بما فيه الكفاية استغلال المياه المخبأة في خزانات المياه الجوفية. وتعد تلك المخازن الجوفية كبيرة للغاية، فعلى سبيل المثال يتجاوز حوض غواراني في أميركا الجنوبية الذي تصل مساحته إلى 40 ألف كيلومتر مكعب من المياه، بكثير ما هو موجود في البحيرات الخمس العظمى في أميركا الشمالية. لكن هذه المياه غير موجودة في بحيرة واحدة شاسعة تحت الأرض. وبدلاً من ذلك، فهي تتحرك ببطء أحياناً من خلال طبقات معقدة من الصخور والرمال والطبقات الأخرى الجيولوجية القابلة للاختراق. وخلافاً للبحيرة، فإن مدى جدواها لا يتوقف على كمية المياه التي تحتوي عليها فحسب، بل على مدى السرعة التي تتم بها إعادة تعبئتها من قبل مياه الأمطار أو ذوبان الثلوج.
|
|