قد يتعب القلب من تربية الأبناء وتعاني النفس من تمَرّدِهِم، مما يسبب الهمّ والغم للوالدين، قال ابن القيم : إنّ من الذنوب مالا يكفّره إلا الهمّ بالأولاد .
فهنيئا لكل من اهتم بتربية أبناءه على مايحبه الله ويرضاه هنيئا لكم طريقا لتكفير الذنوب، وان وجدتم من ابنائكم ما يتعبكم في تربيتهم فاستغفروا ربكم .
دخل مقاتل بن سليمان رحمه الله، على المنصور رحمه الله، يوم بُويعَ بالخلافة، فقال له المنصور عِظني يا مقاتل !
فقال : أعظُك بما رأيت أم بما سمعت ؟
قال : بما رأيت .
قال : يا أمير المؤمين ! إن عمر بن عبد العزيز أنجب أحد عشر ولدا ً وترك ثمانية عشر دينارا ً، كُفّنَ بخمسة دنانير، واشتُريَ له قبر بأربعة دنانير وَوزّع الباقي على أبنائه .
وهشام بن عبد الملك أنجب أحد عشر ولدا ً، وكان نصيب كلّ ولد ٍ من التركة مليون دينار .
والله يا أمير المؤمين : لقد رأيت في يوم ٍ واحد ٍ أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يتصدق بمائة فرس للجهاد في سبيل الله، وأحد أبناء هشام يتسول في الأسواق .
وقد سأل الناس عمر بن عبدالعزيز وهو على فراش الموت : ماذا تركت لأبنائك يا عمر ؟ قال : تركت لهم تقوى الله، فإن كانوا صالحين فالله تعالى يتولى الصالحين، وإن كانوا غير ذلك فلن أترك لهم ما يعينهم على معصية الله تعالى .
كثير من الناس يسعى ويكد ويتعب ليؤمن مستقبل أولاده ظنا منه أن وجود المال في أيديهم بعد موته أمان لهم، وغفل عن الأمان العظيم الذي ذكره الله في كتابه : {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا}
|
|