كان ﻷعرابي زوجتان شاعرتان، فولدت إحداهما ولدا، وولدت الأخرى بنتا، فكانت أم الولد تحمله وترقصه أمام ضرتها، وتنشد بصوت مرتفع لتغيظها : الحمد لله الحميد العالي، أكرمني وربي وأعلى حالي ولم ألد بنتا كجلد بالي لا تدفع الضيم عن العيال .
فاغتاظت أم البنت أول الأمر، وراحت تشكو لزوجها، فقال لها كلام بكلام، فقولي لها كما تقول، فنظمت أبياتا ثم أصبحت ترقص بنتها أمام ضرتها وتنشد : وما علي أن تكون جارية، تغسل رأسي وتراعي حاليه وترفع الساقط من خماريه حتى إذا ما أصبحت كالغانية زوجتها مروان أو معاوية أصهار صدق ومهور عالية .
فشاعت أبياتها في الناس، ولما كبرت البنت، قال الأمير مروان بن الحكم : أكرم بالبنت وبأمها، ولا يجب أن يخيب ظن الأم، فخطب منها ابنتها، وقدم مئة ألف درهم مهرا، فلما علم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال : لولا أن مروان سبقنا إليها لضاعفنا لها المهر، ثم بعث للأم بمئتي ألف درهم هبة من عنده .
من كتاب ربيع اﻷبرار ونصوص اﻷخبار ، للزمخشري .