يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم لدى أحكم رجل في العالم، مشي الفتى أربعين يومًا حتى وصل إلى قصر جميل على قمة جبل وفيه يسكن الحكيم الذي يسعى إليه، وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعًا كبيرًا من الناس، انتظر الشاب ساعتين حتى حان دوره .
أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب ثم قال له : الوقت لا يتسع الآن للنقاش، لكنه طلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين، وأضاف الحكيم وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتان من الزيت : أمسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك، وحاذر أن ينسكب منها الزيت، أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتاً عينيه على الملعقة .
ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله : هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام ؟ هل رأيت الحديقة الجميلة ؟ وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي ؟ ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئا فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة .
فقال الحكيم : إرجع وتعرف على معالم القصر فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه عاد الفتى يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة على الجدران، شاهد الحديقة والزهور الجميلة وشاهد كل ما استطاع رؤيته وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى .
فسأله الحكيم : ولكن أين قطرتا الزيت اللتان عهدت بهما إليك ؟ نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا، فقال له الحكيم تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك، سر السعادة هو أن ترى روائع الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدًا قطرتي الزيت، وهما الستر والصحة .
|
|